مدخل الى الاثار01
Topic outline
-
-
المركز الجامعي تيبازة مرسلي عبدالله
الكلية/ المعهد: العلوم الاجتماعية والانسانية
- القسم: العلوم الإنسانية
-التخصص: علوم انسانية
- المستوى الدراسي: السنة أولى جذع مشترك
اسم الوحدة: مادة أساسية
اسم المادة: مدخل إلى علم الآثار 01
الرصيد: 05
المعامل: 02
الحجم الزمني للمقياس: 14 اسبوع
الحجم الساعي الاسبوعي للمقياس:1ساعة و30دقيقة
قاعة الدرس: قاعة 18
توقيت المحاضرة:.....
ايام تواجد الاستاذة: يوم الثلاثاء من الساعة 11:00سا الى 14:00 ويوم الاربعاء من الساعة 8:30
الرد في المنتدى: الأسئلة المتعلقة بالمحاضرات يجب أن تطرح في المنتدى متى أمكن ذلك، و الرد يكون خلال 48 ساعة.
طريقة التقييم: (مراقبة مستمرة + امتحان...الخ) علامة الامتحان60% + الأعمال الموجهة % 40
أستاذة المحاضرة: دة. زهيرة حمدوش دحدوح
الرتبة: أستاذة محاضر "أ"
البريد الإلكتروني: hamdouche78@yahoo.com
السنة الجامعية 2024-2025
باستعمال الايميل: ألتزم بالرد على الأسئلة المطروحة عبر الايميل خلال 48 سا من وصول الرسالة، إذا لم يكن هناك طارئ.
-
تقديم معلومات للطلبة حول علم الاثار كعلم قائم بحد ذاته لأوّل مرة في مشوارهم الأكاديمي وإعطاءهم نظرة عن التطور التاريخي لمصطلح وعلم الاثار عبر الفترات التاريخية ، وإعطاءهم معلومات حول الاطار الزماني والمكاني للفترات التي يدرسها علم الاثار ومختلف تخصصاته وميادينه ومختلف أنواع المخلّفات الحضارية بشتى أنواعها طريقة استخراجها وجمعها ودراستها واستغلالها بالإضافة الى التعرف على مختلف العلوم المرتبطة بالتخصص والتي يمكنها ان تساعده في عملية البخث والعلاقة التي تربطها بها
-
سيكون الطالب ملما بأهداف الدرس بناء على مستويات بلوم المعرفية:
1-مستوى المعرفة و التذكر: الطلاب في هذا المستوى يستعيدون المعلومات من الذاكرة (المكتسبات القبلية)، حيث يقوم الطالب باستذكار مفاهيم علم الاثار من: تعريف للمصطلح، تعريف التنقيب وأهدافه، التطور التاريخي لمصطلح علم الاثار والتطور الذي عرفه علم الاثار عبر الفترات التارخية، علاقة علم الاثار بالعلوم الأخرى، والتطرق الى اهم العوامل والأسباب التي كانت وراء تشكل المواقع الاثرية واللقى الاثرية، بالإضافة الى التعرف على ميادين ومجالات علم الاثار واهم التخصصات الموجودة بالجزائر وطبيعة المجال الجغرافي والزماني لهذه التخصصات، و تعطى للطالب أسئلة اختيار متعددة ، و يطلب منه الإجابة عنها.
2-مستوى الاستيعاب و الفهم: يقوم الطالب في هذا المستوى باستيعاب و فهم مختلف مفاهيم طرق ووسائل الكشف عن الاثار ، والمواد المستخدمة في ذلك ومختلف تخصصات علم الاثار وعلاقتها بالتخصصات الاخرى، التعرف على الاطار الزماني والمكاني لتخصصات علم الاثار بالجزائر و هنا تعطى للطالب بعض الأسئلة المتنوعة انطلاقا مما تم الاستفادة منه و فهمه للدرس.
3-مستوى التطبيق: يتعرف الطالب على كيفية تطبيق المفاهيم المكتسبة على أرض الواقع في مجال البحث الاثري (الاعتماد المستندي ووسائل الكشف على اللقى الاثرية).
4-مستوى التحليل: يكتسب الطالب مجموعة من المفاهيم والمصلحات الخاصة بالتخصص، كما يمكنه تحديد مختلف الفترات التاريخية والزمنية لاسيما ما ارتبط بالجزائر
5-مستوى التركيب: الطالب عند هذا المستوى تكون له القدرة على التمييز بين مختلف تخصصات علم الاثار ومختلف الوسائل المستخدمة للكشف والبحث النظري و الميداني الاثري
6- مستوى التقويم: يعمل الطالب على الوصول إلى نتائج البحث الاثري بدءا من فهم مختلف التعريف والتطور التاريخي لعلم الاثار والتعرف على العلوم المساعد له، واهم التقنيات المستخدمة للبحث الاثرية وطرق الكشف عن الاثار واهم مجالاته وميادينه
-
ينبغي أن يكتسب و يمتلك كل من يدرس مقياس مدخل الى علم الاثار العديد من المصطلحات والخبرات و المهارات و القدرات التي تسمح للطالب بالتحكم الجيد في المقياس و من هذه المكتسبات أن يكون الطالب قد درس و تمكن من:
- التطور التاريخي للمصطلح
- التطور التاريخي لعلم الاثار
- العلوم المساعدة لعلم الاثار
- طرق ووسائل التنقيب وأهدافه
- ميادين وتخصصات علم الاثار
- العلوم المساعدة
- أسباب وعوامل تشكل المواقع
إضافة إلى الرغبة في التطوير الذاتي و الاجتهاد في التخصص.
-
-
-
المحاضرة الاولى: علم الآثار مفهومه وتاريخه: أ- تعريف علم الآثار: علم الآثار ترجمة لكلمة اركيولوجيا، المأخوذة من اللغة اليونانية، وهي مشكلة من كلمتين اركيو:ARCHEO ومعناها قديم، ولوجوس:LOGOS ومعناها علم او حديث، ومن هنا يتضح اشكال معرفة المعنى الحقيقي لأركيولوجيا، فهل المقصود منها ذلك العلم الذي يدرس القديم او حديث بخصوص القديم.
اما كلمة اركيولوج فقد كان ظهورها في القرن الاول ميلادي، وكانت تطلق عند اليونان على فئة من ممثلي الدراما الذين يمثلون الاساطير القديمة على المسرح، غير انه سرعان ما اختفى هذا المعنى بصورة نهائية. والغريب في الامر ان كلمة اركيولوجية او اركيولوج غير معروفة لا في اللغة اللاتينية ولا في أي لغة اخرى، وانما تم اقتباسها من اليونانية.
وبعد اليونان عادت الكلمة الى الظهور عند الرومان من جديد، وكان ذلك خلال القرن الاول ميلادي، عندما الف المؤرخ دنيس داليكارنس"DENYS D’HALICARNASSE" في عهد الامبراطور اغسطس كتابا سماه: الاركيولوجيا الرومانية والذي تناول فيه تاريخ حروب روما مع قرطاجنة.
ومنذ ذلك العهد انقطعت كلمة اركيولوجيا ولم تعاود الظهور الا في القرن17 على يد الرحالة الفرنسي جاك سبون:JAQUE SPON ولكنه كان يخلط بين اركيولوجيا واركيوغرافيا، وفي الاخير استقر المعنى على اركيولوجيا وانتشرت في كل اللغات، لكن ارتبط معنى الكلمة بمخلفات الفترة الاغريقية والرومانية فقط والمرتبطة بالفن والنحث واللوحات والرسومات الجدارية.
وفي القرن الثامن عشر يتسع مفهوم الاركيولوجيا مع ظهور نظرية دارون وجدلية تطور السلالات البشرية، ويتسع الى فترات ماقبل التاريخ
-
-
-
نشأة علم الآثار:
لقد سبق الاهتمام بالآثار وجمعها ظهور مصطلح اركيولوجيا، حيث يعد الملك البابلي نابونيد في القرن6ق.م اول من اهتم بجمع الآثار والتحف القديمة، كما يعد هوميروس الذي عاش خلال القرن5ق.م اب علم الآثار واول من ضمن كتاباته معطيات ووصف جد هام لمعالم اثرية، ثم زاد الاهتمام بالآثار خاصة عند المؤرخين، مثل الكاتب بلينوس في القرن الاول ميلادي، وديدور الصقلي، واسترابو، وفيترو فيوس (ق1م). ولم يقتصر الاهتمام بالآثار على الكتاب فقط بل حتى الملوك والاباطرة
وقد سبق وان ذكرنا الملك نابونيد، ومنهم ايضا قيصر يوليوس الذي يقول فيه استرابو بانه كان مولع بجمع التحف القديمة خاصة الاحجار الكريمة المنقوشة، كما يعد هادريان ايضا من المهتمين بالآثار القديمة، ويذكر بانه قام بتجديد وتزيين منشآت معمارية كبرى اغريقية، وبنى في قصره مدرسة واكاديمية ورواقا لحفظ الرسوم، واول من انشأ متحفا للهندسة المعمارية ومتحفا للنحت.
اما في العصر الاسلامي فان الاهتمام بقي مستمرا سواء عند الكتاب او الامراء والسلاطين، فاما الكتاب فان الكثير منهم –خاصة الرحالة والجغرافيين- من جاءت نصوصه مطعمة باوصاف لمعالم اثرية واطلال مدن قديمة واوصاف دقيقة لمنشآت معمارية، ومن أولئك الكتاب الادريسي والمقريزي والمقديسي وابن رسته والبكري، ومن الكتاب من دعى الى حفظ الآثار وصيانتها، كابن خلدون وعبداللطيف البغدادي، باعتبارها من تراث الامة. اما الحكام فقد عمدو الى جلب وجمع البقايا الاثرية القديمة واعادة استعمالها في بناء منشآتهم الجديدة وتزيينها كلاعمدة والتيجان، واحيانا احتفظوا بعمائر واعادوا استعمالها دون تهديمها، واحيانا اخرى لم يتعرضوا لمعالم اثرية لتصل الينا سالمة من أي تخريب.
ويدل هذا الاهتمام على الاحساس الكبير بقيمة ذلك الاثار سواء الجمالية او التاريخية عند القدماء، غير انه لم يرق ذلك الاهتمام الى دراسة هذه الاثار والتنقيب عنها، حتى الكتاب انذاك لم يقدموا سوى اوصاف لها لا غير.
ويبدوا ان الاهتمام الصريح بدراسة الآثار كان في ايطاليا، خلال القرنين15و16م، عندما انصبت الابحاث حول الآثار الاغريقية والرومانية، وفي القرن18م تم اكتشاف حضارات اقدم من الحضارة الاغريقية والرومانية، وبدأ يتوسع مجال البحث الاثري خاصة بعد اكتشاف مراحل ما قبل التاريخ وما رافقها من جدل حول اصل ظهور الانسان والحيوانات المنقرضة، وتم اجراء العديد من الحفريات في كبريات المدن الاثرية، مثل هرقولانوم"HERCULANUM" وبومبي"POMPEI"، واتسع التنقيب بعدها لتشمل مناطق عديدة لبلاد الرافدين ومصر وغيرها.
وعلى الرغم من اهمية هذه التنقيبات التي كانت بمثابة الخطوات الاساسية لتطور علم الاثار، الا انها لم تخلو من اخطاء كثيرة، فقد تعرضت المواقع التي اجريت فيها الحفريات الى تخريب جوانب كثيرة منها، بسبب الاهتمام بالتحف الثمينة واهمال غيرها من اللقى التي اصبحت تعد في علم الاثار الحديث ذات اهمية بالغة لا تقل عن تلك التحف، حيث اصبح عالم الآثار لا يفرق بين تحفة من طين وتحفة من ذهب، وبين بقايا عظمية وأخرى فضية، وبين بقايا حجرية واخرى رخامية.
-
-
-
2- مجالات علم الآثار وميادينه: يدرس علم الآثار البقايا والمخلفات المادية للإنسان ، من هياكل عظمية وعمائر وصناعات على اختلاف انواعها، وفظلا عن ذلك فهو يهتم ايضا بدراسة المحيط الذي كان يعيش فيه الانسان، وما يرتبط به من ظواهر طبيعية، كالزلازل والبراكين والفيضانات والمناخ والتضاريس، باعتبارها لها تأثير مباشر في حياة الانسان واستقراره، ومن ثم من الضروري دراستها، ونفس الشيئ بالنسبة للثروة النباتية والحيوانية التي الفها الانسان واستأنسها، ومن ثم لا يمكن حصر مجال علم الآثار في دراسة البقايا الصناعية والفنية والعظمية للانسان، بل لابد من توسيع افقه ليشمل الانسان ومخلفاته والبيئة التي عاش فيها، ليتعرف في الاخير ومن كل ذلك على مختلف جوانب حضارته الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية...
ومن ناحية اخرى، فان المجال التاريخي لعلم الآثار لايمكن حصره بفترة زمنية محدودة، كما كان سائدا، اذ حسب بعض الآراء يبدأ مجال علم الآثار من بداية ظهور الانسان وصناعته اول اداة الى غاية القرن18م، لكن في الحقيقة لا يمكن تحديده بفترة معينة، لأن الحياة متواصلة، وكلما استمرت توسع مجال البحث الاثري، حتى اذا اردنا ان نعرف الأثر فان معظم القوانين والشرائع لا تحدد فترة زمنية معينة ينبغي ان يجتازها الأثر ليصبح اثرا، وانما هو كل ما خلفه الإنسان وله قيمة تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية.
3- فروع واختصاصات علم الآثار:
يقسم علم الآثار عادة الى مجموعة من الفروع والاقسام، وهي تختلف من منطقة الى اخرى، حسب الفترات التاريخية والحضارات التي عرفتها، وفي الغالب لا نجد مجالا للآثار الاسلامية في الدول التي لم تشملها الحضارة الاسلامية، كما ان الاثار الاغريقية والرومانية تعد فرعا قائما بذاته بالنسبة لمناطق، وفي مصر ايضا تعتبر الاثار الفرعونية فرعا بينما في الجزائر هناك فروع معتمدة وتدرس على اساس انها تخصصات مستقلة عن بعضها البعض، نذكرها فيما يلي:
أ- آثار ما قبل التاريخ: وهو يهتم بدراسة الآثار العائدة الى بداية ظهور الانسان والى ظهور الكتابة.
ب- الآثار القديمة: في هذا الفرع يتم دراسة آثار الحضارات القديمة بداية من الحضارة الفرعونية، بلاد الرافدين والحضارة الاغريقية ثم الرومانية والساسانية، بالاضافة الى باقي الحضارات الصغيرة في مختلف انحاء العالم.
ج- الآثار الاسلامية: يدرس هذا الاختصاص مختلف الاثار التي خلفها المسلمون، منذ ظهور الاسلام الى غاية نهاية الخلافة الاسلامية العثمانية، واحيانا تقسم هذه الاثار الى فترتين فترة العصر الوسيط وفترة العصر الحديث، ويقابل هذا في اوربا العصر الوسيط ثم عصر النهضة او العصر الحديث.
كما نظيف الى الفروع السابقة آثار فجر التاريخ: وهي المرحلة التي تفصل بين ما قبل التاريخ والفترات التاريخية والتي فيها بدأت تظهر البوادر الأولى للكتابة، وان كانت هذه الآثار تدرس ضمن ما قبل التاريخ، ونظيف ايضا آثار ما تحت الماء: L’Archéologie Sous Marine وهي من الفروع والاختصاصات الحديثة، وهي تهتم بالاثار الغارقة في البحار والمحيطات والتي تحت الماء بصفة عامة.
-
تخصص علم آثار ما قبل التاريخ:
وهو يهتم بدراسة الآثار التي ترجع إلى بداية ظهور الإنسان وإلى غاية ظهور الكتابة، بما فيها آثار فجر التاريخ، وهي المرحلة التي تفصل بين ما قبل التاريخ والفترات التاريخية، والتي فيها بدأت تظهر البوادر الأولى للكتابة.
إن هذه الفترة لها خصوصية جد مميزة عن غيرها من الفترات، لكونها من الناحية التاريخية تمثل أطول مرحلة، وهي تدرس حضارات يقدر عمرها بمئات آلاف السنين، في حين الفترة القديمة والفترة الإسلامية عمرهما جد محدود لا يتجاوز في مجموعهما من 5 إلى6 آلاف سنة، ومن ناحية أخرى يهتم علم آثار ما قبل التاريخ بدراسة بقايا أثرية متميزة على غرار الهياكل العظمية بما فيها الانسان والحيوان لمعرفة تطور الحياة على وجه الأرض بصفة عامة، والتطور الحضاري للانسان ومحيطه بصفة خاصة، وما أنتجه من حضارات ضمن العصور الحجرية بما تشمله من أدوات حجرية وعظمية وفخارية وغيرها، ومعتقداته الدينية التي نستشفها من المقابر، فضلا عما تحتويه النقوش الصخرية من صور للمعتقدات والحياة اليومية للانسان بصفة عامة والتي تظهر ابداعه الفني الذي ترجمه على المغارات والكهوف.
في هذا التخصص ينفتح الدارس على عدة علوم ومعارف تعد أساسية لاستكمال التكوين، ويتعلق الأمر خصوصا بعلم الجيولوجيا، والجيومورفولوجيا، والباليونتولوجيا وغيرها، كما أن معظم آثار هذه الفترة توجد في باطن الأرض، مما يجعل من الحفريات الأسلوب الأساسي في البحث في هذا التخصص، ما عدا النقوش الصخرية والمقابر الميغاليتية التي يوجد عدد كبير منها ظاهر، في حين يبقى من الصعب الكشف عن الأدوات الحجرية حتى ولو كانت ظاهرة فوق الأرض على اعتبار أنها أدوات ميكروليتية صغيرة جدا لا ترصدها الصور الجوية أو غيرها من أجهزة الكشف عن الآثار دون اجراء عملية مسح دقيق لمنطقة ما.
أما بالنسبة للآثار التي ترجع إلى هذه الفترة بالجزائر فإن أقدم البقايا الأثرية تؤرخ بـ2,4مليون سنة من الزمن، المكتشفة بعين حنش بلدية القلتة الزرقاء ولاية سطيف، ويستمر التواجد البشري مخلفا بقايا أثرية في مواقع عديدة ترجع إلى العصر الحجري القديم الأسفل الذي عرف ظهور حضارة الحصى المنحوتة، وقد وجدت بقاياها في مواقع كثيرة كعين حنش بسطيف ومنصورة بقسنطينة، ثم تطورت هذه الصناعة لتشهد في الحضارة الأشولية بروز ادوات صناعية جديدة (ذات الوجهين "البيفاص" والبليطة وثلاثية الأوجه)، ونجد لها أمثلة في مناطق بالمدية وتبسة وتلمسان.
في العصر الحجري القديم الأوسط والذي يمتد تاريخه بين40000 و25000 سنة ق.م، برزت الحضارة الموستيرية والعاترية، ونجد الأولى في مواقع قليلة منها مغارة تيمية قرب وادي رهيو، اما الثانية فهي منتشرة بكثرة بالجزائر بداية من تبسة.
وفي العصر الحجري القديم المتأخر سادت في الجزائر الحضارة الايبرو-مغربية، والتي كان ظهورها في حوالي 12320 سنة ق.م، والحضارة القفصية وقد كان انتشارها محدودا بالجزائر، ثم ظهرت حضارتان الاولى مؤرخة بـين6500 و2600 سنة ق.م، وكانت منتشرة في الشمال الجزائري، بينما الثانية كانت منتشرة في الجنوب.
خلال العصر الحجري الحديث، دخلت الجزائر بمراحل متفاوتة حسب المناطق والحضارات السائدة فيها، ففي الجنوب ساد النيوليتي ذي الاصول السودانية بدايية من 7600 سنة ق.م، وفي الشمال الشرقي استمرت الحضارة القفصية بصيغة نيوليتية مع نهاية الالف السادسة ق.م، اما الشمال الغربي فيحتمل ان حضارته امتدادا للحضارة الايبرو-مغربية بداية من منتصف الألف السادسة، ونجد بقايا هذه الصناعات في مناطق عدة من الوطن كوهران وورقلة وتمنراست وغيرها.
وخلال هذه الفترة انتشرت النقوش الصخرية وأبدع فيها انسان ما قبل التاريخ كل الابداع، ولازالت نماذج عديدة بالجزائر، في الجنوب الوهراني، وجنوب الوسط الجزائري، والشرق القسنطيني، و الطاسيلي- ناجر، وتعد المنطقة الأخيرة من أغنى المواقع المنقوشة وهي مصنفة ضمن التراث العالمي.
وفي نفس الفترة و الى غاية مرحلة فجر التاريخ اولى الإنسان أهمية كبيرة لدفن موتاه، ومن ثم ظهرت عدة أشكال للقبور وتجمعت في مقابر لا زالت العديد من الأمثلة لها في الجزائر مثل مقبرة جبل مازلة ببونوارة بقسنطينة، ومقبرة الركنية بخنشلة، ومقبرة سيقوس على الطريق الرابط بين قسنطينة وعين البيضاء، ومقبرة مشرع الصفا بتيارت، ومقابر الهقار الكبرى.
-
ثانيا/ تخصص علم الآثار القديمة:
في هذا التخصص يتم دراسة آثار الحضارات القديمة بداية من الحضارة الفرعونية، بلاد الرافدين والحضارة الإغريقية ثم الرومانية والساسانية، والبيزنطية، بالإضافة إلى باقي الحضارات الأخرى في مختلف أنحاء العالم.
غير أنه في الجزائر يتم التركيز على الحضارات التي توجد لها بقايا ومعالم أثرية ببلادنا، حيث عرفت الجزائر خلال العصور القديمة حضارات عديدة محلية وخارجية، ففي الاول جاء الفنيقيون الى السواحل الجزائرية، ثم سيطر البربر على كامل ارجاء الوطن، وكانوا مشكلين من مملكتين الماصيل والماصيصيل، ثم وحدهما ماسينيسا وشكل المملكة النوميدية بداية من سنة 203ق.م، ومن ثم بقيت الجزائر تحت حكم هاته المملكة الى ان ضعفت قواها فاستغل الرومان ذلك وضموها الى ملكهم على غرار تونس، واستمر حكمهم الى غاية 439م، ليجيء بعدهم الوندال الذين حاولوا كسب ود القبائل المحلية، غير ان البيزنطيين لم يتركوا لهذا الوافد الجديد ان يستمر تواجده في الجزائر، وحلوا محله في سنة 534م، وقد حاول البيزنطيون ان يسترجعوا مجد الرومان الضائع في الجزائر، وشنوا حملات عسكرية بغية تطويع اهلها، غير ان المقاومة المحلية اشتدت وتوسع مجالها، فأصبح البيزنطيون لا يملكون من الجزائر الا مناطق معدودة، الى ان جاء المسلمون وفتحوا البلاد خلال عام643م وابعدوا البيزنطيين عن الجزائر وشمال افريقية عامة.
وخلال هذه الحقبة بنيت العديد من المدن لا تزال بقايا البعض منها ماثلة إلى يومنا هذا، فإلى العهد النوميدي يرجع بناء ضريح المدغاسن وضريح الصومعة (ماسينيسا)، والضريح الملكي بتيبازة، فضلا عن البقايا الأثرية المكتشفة في مواقع عدة بقسنطينة (سيرتا) وغيرها وهي محفوظة بالمتحف الوطني سيرتا، وغيره من المتاحف الوطنية.
والى العهد الروماني شهدت الجزائر تجديد وبناء الكثير من المدن في الساحل والداخل لا تزال بقايا الكثير منها ماثلة إلى يومنا هذا، فاما المدن الساحلية فنذكر منها هيبوريجيوس"عنابة" روسيكاد"سكيكدة" شولو"القل" ايجيجلي"جيجل" صلداي"بجاية" ايومنيوم"تيغزرت" روسوكورو"دلس" روسغونيا"برج البحري" ايكوزيوم"الجزائر" تيبازا قيصرية"شرشال" كارتينامن"تنس" واما الداخلية فهي تتمثل في مادوروس"مداوروش" تبورسوكو نوميداروم"خميسة" كويكول"جميلة" ستيفيس"سطيف" بالاضافة الى مدينة تيفاست"تبسة" ماسكولا"خنشلة" تاموغادي"تيمغاد" لامبيز"لمبيز"...
وبالإضافة إلى هذه المدن شيد الرومان عدة معسكرات منها معسكر زراية "ZARAE " وسطيف "SITIFIS" و ليميلف"LEMELLIF"، تملولة "THAMALLULA"، اكوزيتوم "EQUIZITUM"، ثم اوزيا "سور الغزلان" رابيدوم "سور جواب" وكاستلوم طنجيتانوم "CASTILIUM TANGITANUM" وصولا الى البولي"ALBULE"عين تموشنت، و سيلاص"CELLAS "الخربة الزرقة" زابي "ZABI"، شلغا قرب المسيلة، " كلمناطة"عين تكرية قرب تيسمسيلت، " لوكوLUCU"بنواحي سعيدة" بوماريا "POMARIA" تلمسان، واخيرا مقر اللفيف السوري "NUMERUS SYRARUM"بمغنية".
كما ترجع إلى المماليك المورية المناهضة للرومان ومن خلفهم بعد ذلك من الوندال والبيزنطيين معالم ومواقع أثرية عديدة نذكر من أهمها أضرحة الأجدار بفرندة ولاية تيارت والتي لا يزال عددا من أصل 13 ضريح قائما ويمكن الدخول اليها والتجول في قاعاتها وأروقتها العديدة بكل حرية.
إن هذه الفترة على الرغم من كثرة وتعدد الحضارات والزخم الكبير للبقايا والمخلفات الأثرية التي ترجع إليها إلا أنها تبقى بالنسبة للدارسين بحاجة إلى الكشف عن المدن الأثرية المطمورة في باطن الأرض أو المغمورة في سواحل البحر، حيث لا تزال الكثير من المواقع غير منقب عنها ولا يظهر منها إلا القليل على غرار مدينة بغاي وبلزمة وزانا وتهودة ومداوروش وبونة وغيرها كثير وعليه فالمجال لا يزال خصبا أمام الدارسين لهذا التخصص.
إن علم الآثار القديمة له خصوصيته هو الآخر، فهو يهتم بدراسة عدة حضارات تختلف وتتنوع فيها اللغات والأديان والمعتقدات والثقافات وطبيعة الانتاج الحضاري العمراني والمعماري والفني، وعليه يجد الدارس لهذا التخصص نفسه أمام ضرورة تعلم اللغات القديمة على حسب التخصص الدقيق الذي سيتوجه إليه في الدراسات العليا، فالدارس للحضارة الفرعونية عليه أن يتعلم اللغة الفرعونية أو المصرية القديمة، وبالنسبة للحضارة الإغريقية عليه أن يتمكن من اللغة الإغريقية القديمة، ونفس الشيء بالنسبة للحضارة الفنيقية ولغتها الفنيقية، والحضارة الرومانية والوندالية والبيزنطية ولغتها اللاتينية، والحضارة النوميدية ولغتها البونية القديمة، خاصة وأن هذه الحضارات خلفت نقوشا آثارية على النصب وشواهد القبور وغيرها من الآثار تتضمن كتابات تعتبر مصدرا أساسيا في التأريخ ومعرفة مختلف الجوانب الحضارية الخاصة بها.
كما يجد الدارس والباحث في هذا التخصص متسعا له من حيث مجالات الدراسة على حسب الثراء والتنوع الكبير في طبيعة البقايا الأثرية العمرانية و المعمارية والتحف الفنية الفخارية والمعدنية والزجاجية واللوحات الفسيفسائية والمسكوكات وغيرها التي تزخر بها المواقع والمتاحف الأثرية الجزائرية.
-
ثالثا/ تخصص علم الآثار الإسلامية:
يدرس هذا الاختصاص مختلف الآثار التي خلفها المسلمون، منذ ظهور الإسلام إلى غاية نهاية الخلافة الإسلامية العثمانية، وأحيانا تقسم هذه الآثار إلى فترتين فترة العصر الوسيط وفترة العصر الحديث، ويقابل هذا في أوربا العصر الوسيط ثم عصر النهضة أو العصر الحديث، كما يدرس ضمن هذا التخصص الآثار الريفية والآثار التي ترجع إلى فترة المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي خلال القرن 19م على غرار آثار مقاومة الأمير عبدالقادر، الحاج أحمد باي، الشيخ المقراني، الشيخ بوعمامة لالة فاطمة نسومر وغيرهم.
إن هذا التخصص بالرغم من أنه يشمل حضارة واحدة وهي الحضارة الاسلامية إلا أنه غني جدا بالبقايا الآثارية التي يدرسها، حيث لا تزال هناك العدد من المدن التاريخية والمعالم الأثرية قائمة إلى يومنا هذا، بكل من قصبة مدينة الجزائر، والمدينة القديمة لكل من قسنطينة، تلمسان، ميلة، وهران، عنابة، مستغانم، معسكر، مازونة، وقلعة بني راشد، قصبة دلس، قصبة تنس، قصبة شرشال، ومازونة، ومليانة والمدية والبليدة والقليعة وبجاية وبوسعادة، وقرى ومداشر منطقة القبائل والأوراس والونشريس، وغيرها، والقصور الصحراوية التي تشكل مدنا مكتملة المعالم العمرانية بجنوبنا الكبير، بداية من الشمال الصحراوي ببسكرة ووادي سوف وورقلة والأغواط وغرداية والبيض وبشار ومنها إلى أقصى الجنوب بتيندوف و أدرار وتمنراست وجانت واليزي.
دون أن ننسى معالم المدن المندثرة التي هي بحاجة جد ماسة إلى البحث والتنقيب على غرار قلعة بني حماد وأشير وبادس وتيهرت وسدراتة وغيرها، ومعالم أخرى لا تزال قائمة بتلمسان ومعسكر ومستغانم وقلعة بني راشد، وقسنطينة، فضلا عما تكتنزه المتاحف الوطنية من تحف وبقايا أثرية متعددة ومتنوعة فخارية ومعدنية وخشبية وزجاجية ومنسوجات ومسكوكات، ووثائق ومخطوطات وغيرها.
إن الدارس لعلم الآثار الاسلامية بالجزائر وان كان يدرس آثار ومخلفات حضارة واحدة على عكس التخصصات السابقة، إلا أنه سيجد نفسه أمام عدة دول، ولكل دولة بقاياها ومعالمها.
فقد تواصل بناء المدن بالجزائر خلال الفترات الإسلامية منذ الفتح الاسلامي، فضلا عن الحركة العمرانية التي شهدتها بعض المدن التي كانت موجودة في العصور القديمة واستقر بها المسلمون منذ العهود الأولى للفتوحات، ولعل من أقدم المعالم الأثرية الباقية إلى يومنا هذا جامع سيدي غانم بميلة والذي يرجع إلى عهد أبو المهاجر دينار، حيث في عهده كانت ميلة مقرا لولاية افريقية مدة عامين، ولا تزال بقايا هذا الجامع ماثلة إلى يومنا هذا على الرغم مما الحق به من تغييرات.
ولعل من أقدم المدن التي شيدها المسلمون بالجزائر مدينة تاهرت والتي يرجع بناؤها إلى عبد الرحمن بن رستم في سنة (144هـ/761م)، واتخذها عاصمة لدولته إلى ان سقطت بيد الفاطميين في سنة (144-296هـ/761-908م)، وانتقل بعدها الرستميون إلى الجنوب الجزائري وشيدوا مدينة سدراتة على بعد حوالي 14 كلم من ورقلة، ولا تزال بقايا كل من المدينتين إلى يومنا هذا، حيث اجريت حفريات بهما وتم الكشف عن بقايا لمنشآت معمارية مختلفة، ففي تاهرت اكتشف بقايا حمام فضلا عن بقايا السور وبعض الأبراج التي تظهر فوق الأنقاض، وفي سدراتة بقايا لمساكن وقصور.
و إلى الأدارسة يرجع تعمير أغادير بتلمسان، فقد شيد فيها ادريس الأول جامعا في سنة سنة174هـ/790م، وهو المعلم الذي لا تزال جزء من أساساته والمئذنة التي ترجع إلى الدولة الزيانية.
خلال القرن الرابع هجري/العاشر ميلادي بنيت بالجزائر خمس مدن، أولها مدينة المسيلة التي بناها محمد القائم بأمر الله في سنة 315هـ وهو أنذاك لا يزال وليا للعهد، تليها مدينة أشير التي شيدها زيري بن مناد امير صنهاجة في سنة324هـ، كما شيد الزيريون مدينة المدية في سنة355هـ ومليانة في360هـ والجزائر362هـ، إلا أن الآثار الأولى لهذه المدن اندثرت بعدما استمر عمرانها خلال الفترات اللاحقة في ما عدا مدينة أشير التي تخرب عمرانها وقد أجريت حفريات بها تم على اثرها الكشف عن بقايا محراب و أسوار قصر وغيرها من البقايا الفخارية والحجرية.
و مع نهاية هذا القرن وبداية القرن الخامس هجري/الحادي عشر ميلادي أسس الحماديون مدينة القلعة التي تعد من المواقع المصنفة عالميا، وقد أجريت بها هي الأخرى حفريات عديدة أكتشف على اثرها الجامع وقصر البحر وقصر المنار، كما شيد الحماديون مدينة بجاية في سنة 460هـ/ و لا تزال بقايا من سورها باقية، و إلى جانب هذه المنشآت شيد الحماديون بمدينة قسنطينة الجامع الكبير الذي لا يزال قائما، كما بنو بمدينة عنابة جامع سيدي أبي مروان.
وفي نفس الفترة شيد المرابطون (448-540هـ/1056-1145م) عدة عمائر تعد من أهم المعالم الأثرية الإسلامية بالجزائر، والمتمثلة في الجامع الكبير بالجزائر (490هـ/1096م)، والجامع الكبير بتلمسان (475هـ/1082م)، وجامع ندرومة (القرن 5هـ/11م)، كما شيدوا بجانب أغادير مدينة تاقرارت التي أصبحت خلال العهد الموحدي مدينة واحدة مع أغادير ومن ثم اشتهرت باسم تلمسان.
خلال العهد الزياني (633-949هـ/1236-1543م) صارت تلمسان عاصمة وحاضرة كبرى، وشهدت توسعا عمرانيا كبيرا، حيث شيد الزيانيون قصر المشور واتخذوه مقرا للحكم، وهو المعلم الذي لا تزال بعض من جوانبه باقية، إضافة إلى معالم أخرى مثل مسجد سيدي أبي الحسن (696هـ/1296م) ومسجد سيدي ابراهيم ومسجد اولاد الامام (710هـ/1310م) ومسجد المشور (717هـ/1317م) وضريح سيدي ابراهيم، وغيرها امن العمائر التجارية والمرافق العمومية كالحمامات والفنادق.
وبجوار تلمسان شيد المرينيون مدينة المنصورة (702هـ/1302م)، وهي المدينة التي لا تزال بقايا سورها وأبراجها وبعض من جوانب الجامع باقية، و إلى جانب منشآت المنصورة شيد المرينيون بتلمسان مجمعا معماريا لا زالت معظم معالمه باقية وهي تتمثل في مسجد سيدي أبي مدين (739هـ/1339م) ومسجد سيدي الحلوي (754هـ/1353م) ومدرسة وضريح سيدي أبي مدين.
خلال العهد العثماني شهدت الجزائر نهضة عمرانية واسعة، حيث عمرت الكثير من المدن كالجزائر التي كان بها مقر الحكم (دار السلطان) ومدينة قسنطينة عاصمة بايلك الشرق والمدية عاصمة بايلك التيطري ومعسكر ووهران ومستغانم بالجهة الغربية من الوطن التي احتضنت لفترات مختلفة مقر بايلك الغرب، فضلا عن مدن اخرى كانت كعنابة والقل وميلة وبجاية ومازونة ومليانة وغيرها.
ولا تزال معالم معمارية عديدة ترجع إلى هذه الفترة وهي اكثر من ان تحصى، ولعل من أهمها قصبة الجزائر المصنفة ضمن التراث العالمي، وهي تضم عدة مساجد وقصور والقلعة فضلا عن الحصون و الأبراج التي بنيت بالقرب منها كحصن تامنفوست وحصن 23 وغيرها، ومن أهم المعالم جامع علي بتشين والجامع الجديد وجامع كتشاوة، وقصر مصطفى باشا ودار عزيزة وغيرها.
وبقسنطينة شيد العثمانيون عدة عمائر دينية ومدنية وعسكرية ومن أهم المعالم الباقية نذكر جامع سوق الغزل والجامع الأخضر وجامع سيدي الكتاني ومدرسة جامع سيدي الكتاني وزاوية بن عبد المؤمن والزاوية الرحمانية وقصر احمد باي، فضلا عن الدور والمساكن والحمامات التي زالت تحافظ على طرازها المعماري والفني الأصيل.
كما توجد بمعسكر عدة معالم عثمانية من أهمها جامع عين البيضاء ومدرسة وبوهران دار الباي وجامع الباشا ومسجد سيدي الهواري، وبمستغانم ضريح الباي بوشلاغم، وبالمدية دار الباي، وبمليانة ضريح سيدي احمد بن يوسف ودار الباي، وبعنابة جامع صالح باي، وبالقل جامع الباي احمد القلي.
وبالإضافة إلى البقايا المعمارية تزخر الجزائر ببقايا لتحف منقولة هي الأخرى كثيرة ومتنوعة وترجع إلى فترات مختلفة، حيث تضم المتاحف الجزائرية تحفا فخارية وخزفية ومعدنية و المسكوكات والمصنوعات الخشبية والنسيجية والزجاجية، فضلا عن المخطوطات المحفوظة بالمكتبة الوطنية بالجزائر وفي الزوايا.
إن المتخصص في الآثار الإسلامية، وخاصة الفترة العثمانية يستحسن له التمكن من اللغة العثمانية على اعتبار أن بعض النقوش كتبت باللغة العثمانية وان كانت قليلة إلا أن هذه اللغة ضرورة أكثر بالنسبة لمن يهتم بالوثائق والمخطوطات التي ترجع إلى الفترة العثمانية، كما ينبغي أن يتمكن في الخط العربي وأنواعه وطريقة رسمه حتى يتمكن من قراءة النقوش والرسوم الخطية على مختلف البقايا الأثرية والمخطوطات لما لها من أهمية بالغة في الدراسات والأبحاث.
-
-
-
أهمية علم الآثار:
يستمد علم الآثار أهميته من الآثار أو التراث الأثري الذي يدرسه، وللتراث الأثري خصوصا والتراث الثقافي عموما أهمية كبيرة بالنسبة للفرد والمجتمع، إذ من خلاله يمكن التعرف على حياة من سبقه، ومن خلاله أيضا يقوي صلته بماضيه وبالمجتمع الذي ينتمي إليه ويشاركه نفس العادات والتقاليد، وهو الأمر الذي سيجعله يكتسب بعدا تاريخيا يعطيه دفعا قويا للتشبث بهويته والإعتزاز بأصالته.
إن البحث عن العراقة والأصالة التاريخية ظاهرة مفطور عليها و مجبول عليها الناس، ولا أدل على ذلك من أنك لو تقصد أي شخص وتسأله عن آبائه و أجداده وأصوله لتجده يظهر لك اعتزازه وتقديره لأسلافه، و قد يذهب به الأمر إلى أن يحاول إكسابهم نسبا شريفا قد يرقى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم و إلى آل البيت أو إلى شخصيات سياسية أو علمية مرموقة عبر التاريخ.
كما أن البحث في التاريخ أمر يفرضه الدين الإسلامي، وربما مختلف الشرائع السماوية، حيث نجد دعوات صريحة ترقى في بعض الأحيان إلى درجة الوجوب تدعوا الفرد إلى التدبر و النظر في آثار الأولين وتاريخهم وتقصي أخبارهم لاستخلاص العبر، ومن تلك الآيات نذكر قوله تعالى في القرآن الكريم في سورة الأنعام الآية رقم 11: [قلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ].
وبالإضافة إلى الضرورة الفطرية والشرعية هناك دافع آخر يجعل الإنسان يتعلق بالتدبر في آثار الأولين وتاريخهم، وقد جمع الشيخ المرحوم عبدالرحمان الجيلالي في كتابه تاريخ الجزائر العام عددا هاما من أقوال وحكم تشير إلى فضل التاريخ وأهمية البحث فيه وتدبره، سنورد الأهم منها([1]).
فالحياة مدرسة مثلما يقال، مدرسة للتجارب، وان الإستفادة من تجارب الآخرين أمر تفرضه الحياة، فكل إنسان له رغبة في الاطلاع على نتائج تجارب غيره حتى لا يقع في مطباتهم، ومن هنا جاء قول الشاعر:
« ومن وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارا إلى عمره »
وإذا كانت هذه هي الدواعي التي تجعل الفرد يدرس ويتشبث بقراءة التاريخ والإطلاع على شواهده الأثرية فإن المجتمعات والدول هي الأخرى لها دواعيها وأسبابها، فكما سبق وان قلنا بأن الفرد يعتز بماضيه ويفتخر كذلك الدولة تعتز بماضيها وتاريخها لتتباهى من جهة به أمام الدول الأخرى، ومن جهة ثانية لأنه دلالة على عراقتها و أن لها أصلا موغلا في القدم و أن جذورها ضاربة في التاريخ و هو العامل الذي يجعلها تتشبث بالإستمرار والثبات، فالماضي العريق يكسبها حاضرا مجيدا ومستقبلا زاهرا، فقد قال حكيم بأن « من لا ماضي له لا حاضر له ومن لا حاضر له لا مستقبل له »([2]).
وبالإضافة إلى عاملي الإعتزاز والإستمرار فإن الوعي بالتراث الثقافي الأثري والتاريخي لدى الدول يعد أهم عامل من عوامل الحفاظ على وحدتها الوطنية، ويقوي روابط و أواصر مجتمعها، فقد قال أحد الحكماء: « إنه لا يتصور على وجه الكرة وجود امة تشعر بذاتها، وتعرف نفسها قائمة بنفسها إلا إذا كانت حافظة لتاريخها، واعية لماضيا، متذكرة لأولياتا ومبادئها، مقيدة لوقائعها، مسلسلة لأنسابها، خازنة لآدابها مما لا يقوم به إلا علم التاريخ الذي هو الوصل بين الماضي والمستقبل، والرابط بين الآنف والمستأنف »([3])، وقال آخر: « لا مراء في أن التاريخ هو أكبر عامل على الروح الوطنية حتى ليصح القول بأن الوطن هو تاريخ الوطن »([4]).
بينما إذا غاب الوعي بالتراث الأثري والتاريخي فإن المجتمع في هذه الحالة مهدد بتصادم مصالح أبنائه، وتفكك أواصره، وتلاشي روابطه، وفي هذا قال احد الحكماء: « إن الأمة التي يستهين أبناؤها بماضيها، ويزهدون في أخبارها، لا يؤمن حاضرها من استخفافهم، ولا تصان كرامتها من استهتارهم، كما لا تسلم نفوسهم من الهوان، إذ لا مناعة لعصبيتهم القومية، و لا عصبية لعزتهم الوطنية، إن حياة الأمة هي سلسلة متصلة ووحدة لا تتجزأ، فمن لا يعتز بماضيها، لا يصلح أن يرعى زمام حاضرها»([5]).
وإلى جانب الأهمية الدينية أو الروحية والفطرية وتقوية الروح الوطنية واللحمة الجامعة للشعوب والأمم، فإن للآثار أهمية بالغة في خلق الوعي الثقافي ونشر الثقافات والانفتاح على المجتمعات، وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال تفعيل البعد السياحي لما يسمى بالسياحة الثقافية، إذا ما تم تثمينها والاستثمار فيها حتى تكون محل استقطاب سياحي كبير من داخل الوطن وخارجه، الأمر الذي يساعد على تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية التي نذكر من أهمها ما يلي:
خلق مناصب شغل:
تتطلب المواقع والمعالم والمتاحف الأثرية يدا عاملة تسهر على حمايتها وتسيير شؤنها وفي نفس الوقت ارشاد السواح إلى ما بها من آثار، وكلما زاد عدد السواح كلما كانت الحاجة إلى يد عاملة اضافية، والى جانب هذه المناصب تفتح المؤسسات الفندقية والوكالات السياحية مناصب شغل اضافية، حيث تحتاج هذه المؤسسات إلى مرشدين سياحين متخصصين، وإلى عمال وموظفين في اختصاصات مختلفة يسهرون على تحقيق رغبة السواح في إيصالهم إلى المعالم والمواقع الأثرية والمتاحف.
وبالإضافة إلى فرص التوظيف المباشر هناك فرص أخرى غير مباشرة يتيحها الاستثمار السياحي عامة، ومن تلك الفرص نذكر أن زيادة عدد السياح يعني زيادة الطلب على مواد وسلع كثيرة، من غذاء وألبسة وصناعات تقليدية وتحف فنية وغيرها، ومن هنا يصبح من الضروري رفع الإنتاج، وربما فتح ورش ومصانع واستثمارات جديدة مما ينتج عنه خلق مناصب شغل اضافية.
وفي هذا الإطار بلغ حجم الطبقة الشغيلة في قطاع السياحة بالهند 31 مليون عامل، وفي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والفلبين تجاوز 5 مليون، وفي مصر بين سنتي 2014 وسنة 2015 تم تسجيل عدد الطبقة الشغيلة بين 1.752.000 و 1.993.000 عامل،
المساهمة في الدخل الوطني:
ترتبط مساهمة السياحة في الدخل الوطني بكمية التدفق السياحي وما ينتج عنه من انفاق سياحي الذي يشمل شراء السلع والخدمات المتعلقة بالسفر والاقامة والمواصلات وغيرها، وعبر هذا الانفاق يتم زيادة الدخل الوطني من خلال تحويل أموال السواح الأجانب إلى المؤسسات والهيئات المستقبلة لهم، وعادة ما تمس هذه العملية قطاعات عديدة منها النقل والصناعة والفلاحة والثقافة والصحة وغيرها
ففي مجال النقل كلما زاد عدد السواح كلما دعت الضرورة إلى استثمارات جديدة من خلال فتح خطوط جديدة جوية وبحرية وبرية، وفي قطاع الصناعة يزداد الاقبال على المصنوعات التقليدية التي لها معاني رمزية عند السواح وربما لا يقف الامر عند هذا النوع من الصناعات ويتعداه إلى صناعات أخرى اذا كانت في مستوى منافسة المصنوعات بدول أخرى سواء من حيث الجودة أو السعر، أما قطاع الفلاحة فإن زيادة عدد السواح يعني زيادة نسبة الاستهلاك للسلع الغذائية مما يستدعي الرفع من الانتاج الوطني لتلبية الطلب.
قطاع الصحة هو الآخر يمكن أن يستفيد من الانفاق السياحي سواء من خلال المعاينات الطبية أو من خلال اقتناء الأدوية، كما يستفيد القطاع الثقافي بشكل كبير من التدفق السياحي، حيث تفرض الوزارة رسوم الدخول إلى المعالم والمواقع والمتاحف الأثرية و مختلف المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية خاصة اذا تزامنت هذه التظاهرات مع مواسم زيادة عدد السواح.
للسياحة دور كبير في تكوين وتنمية الناتج الوطني لدى العديد من الدول خاصة الدول المتطورة سياحيا، وقد قدرت المنظمة العالمية للسياحة حجم التدفق السياحي وإيراداته السنوية ومدى مساهمته في الحجم الإجمالي للصادرات بكل دولة، ومن خلالها يظهر أن بعض الدول تساهم السياحة في ايراداتها العامة بنسب كبيرة جدا، على غرار لبنان(47,87 %)، والأردن(41,83 %)، ومصر(26,63 %)، وتركيا(16,90 %) وتونس(13,99 %).
توفير العملة الصعبة:
تساهم السياحة مساهمة كبيرة في جلب العملة الصعبة، وهي العملة التي تبقى الدول الضعيفة اقتصاديا بحاجة إليها، ففي مثل هذه الدول يكون ميزان المدفوعات بحاجة إلى الإيرادات السياحية التي تعمل على تحقيق توازنه من خلال تدفق العملة الصعبة، وتبقى مساهمة السياحة في ميزان مدفوعات الجزائر ضئيلة جدا ولا ترقى إلى المستوى المطلوب([6])، ففي سنة 2019 بلغت 0.14 مليار دولار، بينما قدرت في المغرب بـ 3,152 مليون دولار وفي تونس 2.6 مليار دولار، وفي الولايات المتحدة الأمريكية 239,4 مليار دولار.
-
-
-
العلوم المساعدة:
كثيرة هي العلوم التي تحتاج الى غيرها من العلوم، وعلم الآثار هو الآخر يحتاج مساعدة علوم اخرى لتحقيق اهدافه، منها علوم تقنية واخرى تطبيقية او دقيقة ومن تلك العلوم نذكر ما يلي:
-علم بصمات الاصابع: يعد هذا العلم من العلوم الحديثة الناتجة عن التطور التكنولوجي الحاصل في السنوات الأخيرة، وبفضل هذا العلم اصبح بامكاننا تصنيف التحف الاثرية حسب صناعها، حيث في كثير من الاحيان تبقى بصمات هؤلاء الصناع على مختلف مشغولاتهم دون ان يزيلها الزمانن وبواسطة اجهزة خاصة يتم جمع هذه البصمات وادخالها في برامج الكمبيوتر وهذه الأخيرة تقوم بعملية التصنيف، ويتم اللجوء الى هذه الطريقة عندما تكون معارفنا قليلة، حول التطور الفني والصناعي لصناعة معينة في منطقة ما.
-علم الاركيوزولوجيا: يطلق هذا العلم احيانا اسم الزوركولوجيا، وهو علم يهتم بتحديد ودراسة الحيوانات من خلال بقاياها العظمية المكتشفة اثناء التنقيبات الاثرية، وهو يقدم مساهمة كبيرة لعلم الاثار، اذ من خلال تحاليله ونتائجه يمكن التعرف على النظام الغذائي للانسان، وبيئته الطبيعية وما يتعلق بها من مناخ وغطاء نباتي، وجوانب من معتقداته الدينية، فهناك مناخ ملائم لحوانات دون اخرى، ولنباتات دون اخرى، كما ان بعض المعتقدات تمنع اكل لحوم حيوانات دون اخرى، كلحم الابقار في الهند والخنازير عند المسلمين.
علم المساحة: يفيد علم المساحة كثيرا في تسجيل الاثار، ودون تسجيل المكتشفات تكون حفرياتنا تخريبا، ولا تختلف عن اعمال الحفر التي كان اصحابها يبحثون عن الكنوز الثمينة، وللتسجيل طرق عدة، اهمها وضع مخططات للمكتشفاتالمعمارية، واماكن تواجد اللقى الاثرية والعثور عليها، ورسم خريطة يحدد عليها مكان الموقع بالنسبة لمحيطه الجغرافي وما فيه من مدن او مظاهر طبيعيةاخرى.
علم اللغة: يستعين الاثري بهذا العلم في تحليل مضمون النقوش الكتابية، وفهم معاني كلماتها ومفرداتها، بل واحيانا بامكانه ان يؤرخها، فالمفردات التي استعملت في فترة ما قد تختفي في فترة اخرىوتحل محلها مفردات جديدة، كما انه يمكن الاعتماد على نوع الخط في تاريخ النقيشة او الوثيقة المخطوطة، فانواع الخطوط في لغة من اللغات لم تظهر دفعة واحدة بل عبر مراحل، وقد وضعت في هذا الشأن معاجم عدة وفي لغات مختلفة تحدد نوع الخط وتاريخ ظهوره وشرحالمفردات وتاريخ تداولها واختفائها.
علم الخطوط القديمة: يهتم هذا العلم بدراسة الكتابات والخطوط القديمة، كالخط المسماري عند الرافدين، والخط الهيروغليفي عند الفراعنة، واليوناني عند الاغريق، واللاتيني عند الرومان، والخط العربي في الحضارة الاسلامية، وتطور كل خط من هاته الخطوط عبر التاريخ، ودراسة هذا الجانب مهم في البحث الاثري، سواء في التأريخ كما هو الحال في علم اللغة، او في تفسير المعاني والرموز التي يتولى امرها فرع آخر من علم الباليوغرافيا وهو علم الايبيروغرافيا، اضافة الى اهتمامه بدراسة المواد المستعملة في الكتابة، كالالواح والجلود والاوراق على اختلاف انواعها.
علم الاتنولوجيا: يعد هذا العلم احد فروع علم الانتروبولوجيا، وهو يقوم على الدراسة المقارنة للثقافات المعاصرة، لاستخلاص مفاهيم عامة يمكن تطبيقها على المجتمعات البشرية، وتكمن استفادة علم الاثار من هذا العلم في ان العادات والتقاليد واساليب العيش قد تبقى حية عبر التاريخ عند شعب من الشعوب، وما دام علم الاتنولوجيا يهتم بهذا الجانب عند الشعوب الحالية، فان الاثري قد يلجأ الى اجراء مقارنة بين الشعوب القديمة التي يبحث عنها والشعوب الحالية، وقد يعثر الاثري احيانا على لقى اثرية او منشآت لا يدرك وظيفتها او كيفية صنعها وبمقارنته لمثيلاتها الحالية فانه سيجد فيها تفسيرا لتساؤلاته، كما حدث هذا ايضا للبعثة الاثرية الاسبانية اثناء حفرياتفي موقع تل بيدر بسوريا، لما اكتشفت بقايا افران هلنستية شبيهة بالافران التي تستعملها حاليا قرية قريبة من الموقع، وانطلاقا من هذه الاخيرة تم التعرف على كيفية بناء الافران الهلنستية وطريقة استعمالها.
علم الباليوايدافولوجيا: يهتم هذا العلم بمحاولة اعادة الحالة التي كانت عليها الارض في العصور القديمة، استنادا لدراسة السويات الاثرية العائدة لكل عصر من العصور، وتحليل عينات من تربتها وما تحتويه من اثار نباتية ممثلة في بقايا غبار الطلع، ولهذا النوع من الدراسات دور كبير في التعرف على الحالة والكيفية التي كان عليها سطح الارض والتغييرات التي شهدها عبر التاريخ، فسطح الارض معرض لتغييرات مختلفة، فقد يحدث ان تتحول المنطقة التي كانت في زمن ما خضراء الى صحراء، وقد تتحول المنطقة الجافة الى بحيرة، وقد يتغير خط الساحل فتغمر مياه البحر مناطق كانت ساحلية يابسة.
علم الباليوكليماتولوجيا: يدرس هذا العلم الحالة التي كان عليها المناخ في العصور القديمة، انطلاقا من دراسة السويات الاثرية التي ترجع لكل عصر من العصور، ولمعرفة المناخ اهمية كبيرة في الابحاث الاثرية، فهو يفيد في التعرف على الثروة النباتية والحيوانية، ومنه التعرف على النظام الغذائي للانسان.
علم البترولوجيا: يقوم هذا العلم بتحاليل فيزيائية وكيميائية على بنية الصخور للتعرف على المعادن والمعادن والمناجم وتحديد مراكزها، وهذا النوع من الدراسات له دور بالغ في الدراسات الاثرية، فان حدث وان وجدت مواقع اثرية بالقرب من معدن او منجم ما، فانه يمكن ان يكون اهل المنطقة قد استغلوه ولربما كان من العوامل الرئيسية التي جعلتهم يستقرون بالقرب منه.
علم الجيولوجيا: او علم الارض، وهو يردس كوكب الارض والمواد المصنوعة منها، والعمليات التي تؤثر على هذه المواد ونواتجها وتاريخ الارض، واشكال الحياة عليها منذ نشأتها، وبيولوجية سكانها القدامى كما تدل عليهم الحفريات، ويقدم معلومات حول المعادن والمواقع الأكثر ثباتا حتى تقيم عليها منشآته الاساسية، كما يعطي بعض المعلومات المسبقة عن المخاطر المحتملة المرتبطة بالقوى الناشئة عن حركية الارض.
علم الجيومورفولوجيا: وهو علم شكل الارض، يتناول الشكل العام للارض، بدراسة طبيعية وتقسيم ووصف ونشأة وتطور الملامح التضاريسية الموجودة حاليا على سطح الارض، وعلاقتها بما تحتها من صخور وتراكيب، ومامر بها من احداث خلال الزمن الجيولوجي، وتتركز معظم جهوده في مفهومه الحالي على الملامح الناتجة من عمليات التعرية والترسيب.
علم الجغرافيا: يدرس هذا العلم جميع جوانب سطح الارض، وما يشمل من تقسيمات طبيعية وسياسية وتوزيع وتفريق المناطق والانسان عادة بالنسبة للظروف البيئية.
علم الخرائط: هو فن رسم اللوحات والخرائط والمصورات الجغرافية، والعلم الذي يقوم على اساسه هذا الفن، ويهتم علم الخرائط بالمساقط ومشاكلها وجميع او اغلب عمليات المساحة، خصوصا جمع القياسات المختلفة وتمثيلها على الخرائط.
ولعلوم الارض السابق ذكرها، كعلم الباليوايدافولوجيا والجيومورفولوجيا والجغرافيا والخرائط اهمية كبيرة في الدراسات الاثرية، فالاثري في حاجة ماسة الى معرفة تضاريس المنطقة التي نبحث فيها والموارد الطبيعية المتوفرة فيها، من مياه وغابات ومعادن وصخور والطرق والمسالك القديمة، التي تفيد في اعادة تصور الشبكات التجارية والمواصلات التي كانت تربط المدن فيما بينها، والطرق الحديثة التي توصلنا الى المواقع الاثرية.
علم الباليونتولوجيا: يتشابه هذا العلم مع علم الاتنولوجيا في نقاط كثيرة، وهو يهتم باعادة تصور الحالة الاتنولوجية القديمة لمجتمع من المجتمعات، وكامل مظاهرها الصناعية والثقافية والدينية انطلاقا من المكتشفات الاثرية.
علم الانتروبولوجيا: وهو العلم الذي يهتم بدراسة الانسان سواء من الناحية الاجتماعية او الطبيعية، فمن الناحية الاولى يدرس مظاهر السلوك البشري للانسان في المجتمعات خصوصا البدائية في الوقت الحاضر او في الماضي ان توفرت المعلومات الكافية، ويهدف من خلال هذه الدراسة الى معرفة البناء الاجتماعي عن طريق شرح وتحليل النظم الاجتماعية ووظائفها، اما من الناحية الثانية فهو يدرس بيولوجيا او تاريخ الانسان من حيث نشأته ومكانته بين المملكة الحيوانية وتطوره وتوزيع خصائصه البشرية، ويهتم هذا العلم حاليا بالمجموعات الدموية او الزمر الدموية، والتشريح المقارن والوراثة.
علم الكيمياء: كثيرا ما يلجأ الاثري الى الكيمياء ليستعين بتحاليلها في تحديد تاريخ الهياكل العظمية، او تاريخ اللقى الاثرية، وتحديد اسباب وعوامل تلف الاثار، وكيفية او تراكيب المواد الخاصة بترميم كل نوع من الاثر.
علم الفيزياء: يفيد علم الفيزياء في الدراسات الاثرية في الكشف عن المواقع الاثرية، وذلك انطلاقا من استخدام الطرق الجيوفيزيائية، كطريقة تقدير مقاومة التربة للتيار الكهربائي، وطريقة قياس المجال المغناطيسي.
وفي الاخير ودون ان ننسى علم المسكوكات، وهو علم يدرس النقود والعملات التي تعامل بها الناس على مر العصور، وتظهر اهمية هذا العلم اكثر في المعلومات التي عادة ما تنقش على النقود والتي هي غير قابلة للتزييف او التحريف، كما لا ننسى علم التاريخ الذي هو بمثابة العمود الفقري لعلم الآثار، فهو يمده بمعلومات جد هامة حول المدن والمعالم الأثرية المندثرة وغير المندثرة، فكم من مدينة او معلم اندثر وانمحى اثره الى الابد ولم نكن لنسمع به او نعرف عنه شيئا لولا ما حفظته كتب التاريخ والرحالة والجغرافيين القدماء.
-