المحاضرة الخامسّة: علاقة اللّفظ باللّفظ (2) النّبر والتّنغيم في اللّغة العربيّة

المحاضرة الخامسّة: علاقة اللّفظ باللّفظ (2) النّبر والتّنغيم في اللّغة العربيّة

عناصر المحاضرة: 1/مفهوم النّبر لغة واصطلاحا

                         2/النّبر ولهجات العربيّة.

                         3/النّبر والدّلالة.

                         4/ التّنغيم.

·       أوّلا: النّبر:

مفهوم النّبر لغة:

 جاء في لسان العرب: ''النّبر بالكلام الهمز، قال وكل شيء رفع شيئا فقد نبره، والنّبر مصدر نبر الحرف ينبره نبره يهمزه؛ وفي الحديث قال رجل للنّبي عليه الصلاة والسّلام: يا نبيء الله، فقال له لا تنبر باسمي، أي لا تهمز..وفي رواية قال: نحن معاشر قريش لا ننبر، والنبر همز الحرف، وقريش لم تكن تهمز...ولمّا حجّ المهدي قدم الكسائي معه يصلّى بالنّاس فهمز فأنكر عليه أهل المدينة، وقالوا تنبر في مسجد رسول الله بالقرآن، ورجل نبّار فصيح الكلام، وأيضا صيّاح، وابن الأنباري النبر عند العرب ارتفاع الصّوت''

النبر اصطلاحا:

''هو وضوح نسبي لصوت أو مقطع إذا قورن ببقية الأصوات والمقاطع في الكلام.''؛ وكما نعلم فإنّ المقاطع الصّوتية تتفاوت فيما بينها من حيث صفات أصواتها من قوّة وضعف؛ فللوصول ألى رفع الصوت أو الإتيان بمقطع منبور وجب بذل جهد وطاقة أكبر، تتناغم معه هذا الجهد أعضاء النطق التي بدورها تبذل جهد أكبر.

النّبر هو قوّة النّفَس الّتي ينطق بها صوت أو مقطع، وليس كلّ صوت أو مقطع بنفس الدرجة في النّطق، ويرى في النبر إبراهيم أنيس أنّه'' ليس لدينا من دليل يهدينا إلى موضع النّبر في اللّغة العربيّة، كما كان ينطق بها في العصور الإسلاميّة الأولى، إذ لم يتعرّض له أحد من المؤلّفين القدماء. أما ما كان ينطق بها قراء القرآن في مصر، فلها قانون تخضع له ولا تكاد تشذّ عنه.''

أنواع النّبر:

ينقسم النّبر في اللّغة إلى قسمين: نبر الكلمة ونبر الجملة.

1/ نبر الكلمة:

 ويتمثّل في الضّغط على مقطع من مقاطع الكلمة وإبرازه، تمييزا له عن غيره.

2/ نبرالجملة:

 يقصد به زيادة في نبر الكلمة من كلمات الجملة لإظهار أهمّية الكلمة في سياق الجملة، وفي مضمونها، فالزّيادة في نبرها يبرزها ويلفت النّظر إليها، ويميّزها عن غيرها؛ مثال ذلك قولك هل حضر أخوك أمس؟ فالزّيادة في نبر "حضر" معناه الشكّ في حدوث الحضور. فالسّائل يظنّ أنّ حدثا آخر غير الحضور هو الّذي وقع. والزّيادة في نبر"أخوك" معناها الشكّ في أنّ الّذي حضر هو الأخ، فالسّائل يظنّ أنّ الذي حضر شخص آخر غير الأخ. أمّا زيادة النّبر في كلمة "أمس" يعني الشك في زمن الحضور، فالسّائل يظنّ أنّ الأخ لم يحضر أمس.''

ويضاف إلى هذين النّوعين من النّبر أنواع أخر مثل: نبر الإطالة ونبر العوض والنّبر القصير؛ بعض اللّغات كالفرنسية يلجأون إلى وضع علامة خطّيّة كنبر الإطالة وهو وضع علامة على الحرف المنبور في مثل كلمة: Mére وFrére، فوضع العلامة على الحرف اللّين(é) يدلّ على إطالة الحرف أو تمديده قليلا؛ وكذلك في الفرق بين أداة التّعريف(LA)، وبين ظرف المكان هنا()، والمفرّق بين المعنيين العلامة الموضوع ة على الحرف أ(à)؛ أمّا نبر العوض فهو وضع علامة حرف(v)، مقلوبا^ على بعض حروف اللّين لتدلّ على استطالتها نطقا عوضا عن محذوف في التّاريخ الاشتقاقي، مثل لفظ(Maitre)، والتي تعني المعلّم والسيّد.

أم النبر القصير فهو علامة خطّيّة –عكس نبر الإطالة، توضع فوق حرف اللّين لتجعله كسرة  ممالة إلى فتحة مثل: (Café) قهوة.

كما تكلّموا عن النبر الصرفي، ويختص بميزان الصرف أو القوالب الصّرفية كاسم الفاعل واسم المفعول واسم الآلة وغيرها فل كل قالب أو وزن نبره الخاص به.

·       ثانيا التّنغيم:

التّنغيم اصطلاحا:

''هو رفع الصّوت وخفضه في الكلام للدلالة على المعاني المختلفة للجملة الواحدة، فهو الارتفاع والانخفاض في درجة الجهر في الكلام، وهذا يرجع إلى التّغيير في نسبة ذبذبة الوترين الصّوتيين.''

ومن المعلوم أنّ التّنغيم يختلف من لغة إلى أخرى؛ كما يختلف من إقليم إلى آخر، ومن فرد إلى فرد؛ فعن التّنغيم الموسيقي ودرجات تغيّره نتوصّل إلى التّعبير عن الحالات الشعورية والنّفسيّة المختلفة والانفعالات، فلكلّ حالة من الغضب أو الرّضا أو الفرح أو الحزن والدّهشة؛ لها تنغيمها الخاص الذي تتميّز به.

هذا التنغيم يتحكّم في تحويل الدّلالة، نجد في العربية والفرنسية وغيرهما من اللّغات؛ ففي العربية تتحوّل الدلالة بفضل التنغيم من الاستفهام الحقيقي إلى التّقريري إلى التعجّب وهكذا، مثاله: ما أجمل السماء، عند طريق الإعراب التّنغيم تتحوّل الدّلالة سواء للاستفهام أم للنّفي أم للتعجّب، فللتعجّب أداته، وللاستفهام أداته المميّزة، ويبقى النّفي بلا أداة ولكن طريقة الأداء توضّح.

ملاحظة:

التّنغيم والنّغمة ليس غير تركيبي، أو فوق التّركيبي، هي ظواهر صوتيّة ليست جزء من التّركيب، وليست جزءا من البنية الصوتية الصرفية مقارنة مع الصّوامت والصّوائت؛ فما التّنغيم إلاّ توالي درجات صوتيّة مختلفة ومتنوّعة أثناء النطق؛ وكما ذكرنا سابقا فما التنغيم إلاّ ارتفاع وانخفاض في درجة الصّوت أثناء الكلام؛ ومنه ندرك أنّ النّغمة مرتبطة بالكلمة، مثل: أجل، نعم، لا، أمّا التنغيم فمرتبط بالجملة والعبارة؛ فالنّغمة علامة فارقة بين عدّة دلالات كما في اليبانية: فلفظ (هانا) إذ نطق مقطعاها  بنغمة عاديّة دلّت على الأنف، وإن نطق مقطعها الأوّل برفع الصوت دلّت على البداية، وإن ركّز على معناها الثاني وبرفع الصوت كانت الدلالة على الزّهرة.

المصادر والمراجع: 

1- مباحث في علم اللّغة ومناهج البحث ، نور الهدى لوشن.
2- فقخ اللغة مناهله ومسائله، أسعد النادري
3- فقه اللغة وخصائص العربية، محمد المبارك.
4- المزهر في علوم اللغة وأنواعها، جلال الدّين السيوطي.
5- فقه اللّغة وأسرار العربية، أبو منصور الثعالبي.
6- الخصائص، أبو الفتح بن جنّي .
7- فقه اللّغة، علي عبد الواحد وافي
8- دراسات في فقه اللّغة، صبحي الصالح.



Vous avez terminé 0 % de la leçon
0%