المحاضرة الرّابعة: علاقة اللّفظ باللّفظ (1): العلاقة بين صوت الكلمة ومعناها.
المحاضرة الرّابعة: علاقة اللّفظ باللّفظ (1): العلاقة بين صوت الكلمة ومعناها.
المحاضرة الرّابعة: علاقة اللّفظ باللّفظ (1): العلاقة بين صوت الكلمة ومعناها.
المحاضرة الرّابعة: علاقة اللّفظ باللّفظ (1): العلاقة بين صوت الكلمة ومعناها.
مفهوم الصّوت:
الصوت هو '' الجرْس، معروف، مذكّر..والجمع أصوات...وقد صات يصوت ويَصَاتُ صوتا، وأصات وصوّت به، كلّه: نادى..''
والصوت نوعان: طبيعي ولغوي
1/الصوت الطّبيعي ما كان له جانبان، جانب فيزيولوجي، أي الجانب النطقي(جهاز التّصويت)، والجانب السّمعي(جهاز السّمع)، وجانب فيزيائي، يتعلّق بالأصوات في مظهرها الفيزيائي، ومنه انتقال الذبذبات الصوتية عبر الأثير.
2/الصّوت اللّغوي: وهو ما تعلّق بالأصوات اللّغويّة لكونها الحامل المّادي للأفكار والدّلالات أثناء الإنتاج الفعلي للكلام في الواقع اللّغوي.
وللعلم فإنّ الدّراسات الصّوتية أفرزت عدّة تخصّصات في علم الصّوت، منها علم الأصوات العام، والذي يدرس مخارج الحروف وطبيعة الأصوات وجهاز النّطق، وعلم الأصوات الوظيفي، والّذي يهمّنا هو هذا الأخير لأنّه يدرس الأصوات اللّغويّة من حيث هي عناصر وظيفيّة، من حيث وجودها في سياق لغوي محدّد، فيدرس وظيفة الأصوات التي تتميّز بها الكلمة عن الكلمات الأخرى، إذْ هو يركّز على هذه الأصوات من جانب وظائفها التي تقوم بها في جهاز التّواصل اللّساني، فيكون التّركيز على الفونيم وهو أصغر وحدة غير دالّة، والمقطع الصّوتي، والنّبر والتّنغيم؛ وعلاقة هذا كلّه بعلم الدّلالة.
إنّ الحديث عن المعنى يحيلنا إلى حقل مهمّ من حقول اللّغة وهو علم الدّلالة، فما هذا العلم ؟
علم الدّلالة:
يعرّفه أحمد مختار عمر '' بأنّه دراسة المعنى، أو العلم الّذي يدرس المعنى، أو ذلك الفرع من علم اللّغة الّذي يتناول نظرية المعنى، أو ذلك الفرع الّذي يدرس الشّروط الواجب توافرها في الرّمز حتّى يكون قادرا على حمل المعنى.''
موضوع علم الدّلالة(Semantique):
علم الدّلالة، وهو من أهم فروع علم اللّغة اللّسانيات، يدرس الرّموز أو العلامات مهما تنوّعت، هذه العلامات أو الرّموز ''قد تكون علامات على الطّريق، وقد تكون إشارة باليد أو إيماءة بالرّأس(مثاله حمرة الوجه والتّصفيق، والميزان، وتقاطع ملعقة وشوكة في قطار دلالة على مطعم) كما قد تكون كلمات وجملا.''، أي أنّ علم الدّلالة يدرس العلامات اللّغويّة وغير اللّغويّة، ولكنّ هذا العلم يركّز على العلامة اللّغويّة على اعتبار أنّ اللّغة أهم ظاهرة بشريّة، وأنّها نظام من الرّموز الصّوتيّة.
علاقة علم الدّلالة بعلوم اللغة:
مثلما أنّ علوم اللّغة لا تستغني عن علم الدّلالة في سيرورتها، فكذلك علم الدّلالة لا يستغني عن علوم اللّغة من ذلك:
· علاقة صوت الكلمة بمعناها:
هنا وجب ملاحظة لأنّه قد يغيّر معنى الكلمة ودلااتها في حال إبدال صوت بصوت، أي فونيم بفونيم آخر ولأنّ الصّوت جزء من بنية الكلمة، مثال لك: صار، وسار وزار، أو بنبر وتنغيم، مثاله: إألـــــــــــــــــــــــــه مع الله، بنبر وتنغير يفترق المعنى بين السؤال والنّفي والتّقرير؛ يقول أحمد مختار عمر: ''استمع غلى قوله تعالى في سورة يوسف بعد فقد صواع الملك: {قَاُلوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} يسف، فلا شكّ أن تنغيم جملة (قَالُوا جَزَاؤُهُ) بنغمة الاستفهام، وجملة(مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ) بنغمة التّقرير، سيقرّب معنى الآيات إلى الأذهان ويكشف عن مضمونها.''، ومنه أصوات كالقاف والعين، في سورة القارعة {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}القارعة01/02، لا شكّ أنّ هذه الأصوات تحمل من الدّلالة ما تحمل من أهوال ذلك اليوم، وقوله تعالى في سورة النّجم:{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى}النّجم22، فاجتماع صوتي الضّاد والزّاي في كلمة يحمل من الغرابة كغرابة القسمة الّتي أوقعها الكفّار، حينما نسبوا لله البنات ونسبوا لأنفسهم الذّكور، فكلمة ضيزى من غريب ما ورد في القرآن، ولفظ ضيزى معناه الجور والعوج.
· الصّرف ومعنى الكلمة:
فمثلما للصّوت دلالة ومعنى في الكلمة فكذلك علم الصّرف، فما الصّوت إلاّ جزء من بنية الكلمة الصّرفيّة، ومثال ذلك كلمة ذات الأصول الثّلاثة: (ج ن ن) الّتي تلتقي في معنى عام يجمعها وهو الاستتار والتّخفّي، برغم اختلاف الصّيغ والقوالب، فلكلّ صيغة معنا خاص ومعنى عام، من ذلك ألفاظ مشتقّة من الأصل جَنَنٌ وهي: جنَّ بمعنى أخفى وستر، كقول الشّاعر:
مخبّأة إذا ما اللّيل جنّها وأمّـــــــــــــــــــا بالنّهار فتظهر
ويعني في ذلك الشّمس، ومنه لفظ الجنّ وهو المخلوق من نار، المختفي عنا فلا يظهر، ومنه لفظ الجنّة وهي الحديقة جمع جنان وجنّات، والتي تخفي بسورها من الأشجار ما بداخلها، ومنه الجَنَان بفتح الجيم والنون التي تليها، وهو القلب المخفي في الصّدر، ومنه الجنين في بطن أمّه مستور عن الأنظار بظلمات ثلاث، ومنه المجنّ وهو التّرس يقي به المحارب نفسه من ضربات السّيف والرّمح والسّهم، ومنه المجنون وهو من فقد عقله، وكأنّ عقله لُفّ بغشاء أو ستار.
فالمشتقات من المصدر كالفعل بأزمنته الثلاثة واسم الفاعل واسم المفعول والصّفة المشبّهة واسم الآلة واسمي الزّمان والمكان، واسم التّفضيل، كلّها تلتقي في معنى واحد وهو الحدث أو الصّفة مع انفراد كلّ صيغة بما يناسبها، كالفرق بين اسم الفاعل قاتل الدّال على الحدث ومن قام به واسم المفعول مقتول الدّالّ على الحدث ومن وقع عليه الحدث.
· النّحو ومعنى الكلمة:
علم النّحو أو التّركيب وثيق الصّلة بعلم الدّلالة، فعلم الإعراب به نقف على المعاني والدّلالات، فهو أثر ظاهر أو مقدّر يجلبه العامل، والنّحو يدرس تلك العلاقات بيت الكلمات، وهو ما عناه الجرجاني في كتابه دلائل الإعجاز لمّا تحدّث عن النّظم معرّفا له: بأنّه توخّي معاني النّحو.
إنّ الاهتمام بعلم التّركيب جانب مهمّ من علم الدلالة العام، لأنّه مرتبط بعلم النّحو الذي له دور في معرفة معاني التّراكيب من حيث الحركات الدّالّة على ذلك، قال الجرجاني عبد القاهر: '' إذا كان قد عُلِمَ أنّ الألفاظ مغلقة على معانيها حتّى يكون الإعراب هو الّذي يفتحها..''
ومنه فإنّ تناول الجانب اللّفظي في التّراكيب والتي هي بنيات صرفية مكوّنة من أصوات، وبالتّالي سبيل إلى فهم المعنى، والّذي بدوره يرتكز على تظافر القرائن، والحقل الّذي يضمّ هذه الدّراسات هي كتب النّحو والتّفسير والبلاغة، إلى جانب القراآت القرآنيّة وعلم العقيدة وعلم أصول الفقه.
ولضرورة التّركيب يقول العكبري: '' وأقوم طريق يسلك في الوقوف على معناه-القرآن- ويتوصّل إلى تبيين أغراضه ومغزاه معرفة إعرابه واشتقاق مقصده من أنحاء خطابه والنّظر في وجوه القرآن المنقولة عن الأئمّة الأثبات.''.
ويقول ماهر البقري:'' ذلك أنّ الإعراب وسيلة لفهم المعنى وسلامة الأسلوب عن سنن العربيّة.''.
ولبيان دور القرائن المرجّحة على حساب الإعراب ما ذكروه من أمثلة ودلائل في آية: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ.} فاطر 28، وقوله تعالى: { وَإِذْ اِبْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ.} ، وقول أحدهم: خَرَقَ الثَّوْبَ المِسْمَارُ. فقرينة الرتبة من أهمّ القرائن الإعرابيّة، فإذا ما حدث خرق لهذه القرينة تغيّر المعنى، لذا وجب النّظر والّأمّل، إذ لا يجب التشبّث بقرينة الرّتبة هنا، فلفظ الجلالة في الآية الأولى، وإبراهيم في الآية الثّانيّة، والثّوب في المثال الثّالث مفاعيل وقع عليها فعل الفاعل لا فاعلين.
لقد اتّفق العلماء على ضرورة النّحو ودوره في التّواصل اللّغوي وفي القراءة والكتابة، وفي تفسير القرآن الكريم، إذ بمعرفته يعقل مراد اللّه تعالى من النّصوص والآيات، وما استوعبه من حكم وأحكام منيرة ومواعظ واضحة، وقد جاء في الأثر عن الإمام عليّ رضي اللّه تعالى عنه أنّه قال:'' تعلّموا النّحو فإنّ بني إسرائيل كفروا بحرف واحد، كان في الإنجيل مسطورا، هو: '' أنا ولّدت عيسى.'' بتشديد اللّام فخفّفوه فكفروا.''.
ولأهمّيّة علم النّحو وروافده ودوره في التّواصل اللّغوي حديثا وقراءة وكتابة وفي تفسير القرآن يقول بدر الدّين الزّركشي في تعريفه التّفسير:'' التّفسير علم يعرف به فهم كتاب اللّه المنزّل على نبيّه محمّد - عليه الصلاة والسلام- وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم العربيّة والنّحو والتّصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراآت ويحتاج إلى معرفة أسباب النّزول والنّاسخ والمنسوخ.''
· تعريف السّيوطي لعلم النّحو:
'' صناعة علميّة ينظر بها أصحابُها في ألفاظ كلام العرب من جهة ما يتألف بحسب استعمالهم، لتعريف النّسبة بين صياغة النّظم وصورة المعنى، فيتوصل بإحداهما إلى الأخرى. ''
يقول الباحث أحمد عرابي: '' إنّ البحث عن المعنى يتطلّب من المؤوّل أن يقوم بدراسة شاملة لأساليب القرآن الكريم، وإلا فلا يمكن أن يبلغ شاطئ الأمان دون أن يفهم ما فيه من دلالات الألفاظ والتّراكيب والصّيغ وتحكيم دور السياق، وذلك هو المنهج الأسلوبي التّحليلي في تأويل الخطاب الإلهي واستنباط مقاصده، ولهذا كانت دراسة القرآن وتفسيره عند الأوّلين مزجا بين علم النّحو والصّرف وعلم المعاني، وتوظيف دلالات السّياقات المختلفة، فكانت دراستهم دراسة شموليّة لعلوم اللّغة العربيّة وربط الخطاب بأقوال المكلّف بمقاصد القرآن الكريم.'' ، مثال ذلك: '' وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا'' الكهف، أغفلناه نسبناه إلى الغفلة كأكفر نسبه إلى الكفر، وأنحلته نسبته إلى النّحل، سمّيته غافلا بتعرّضه للغفلة.
جاء في الكشّاف:'' في جعلنا قلبه غافلا عن الذكر بالخذلان أو وجدناه غافلا عنه"، وما قاله ابن القيّم عن الآية يعدّ من كنوز النّكت: '' الإغفال فعل الله والغفلة فعل العبد.''، حكى الكسائي: '' دخلت بلدة فأعمرتها أي: وجدتها عامرة، ودخلت بلدة فأخربتها أي وجدتها خرابا.''
· دلالة التّركيب اللّغوي:
عرّفه عبدالقاهر الجرجاني: ''.. أن لا نظم في الكلام ولا ترتيب حتّى يعلق بعضها ببعض وتجعل هذه بسبب من تلك، هذا ما لا يجهله عاقل ولا يخفى على أحد من النّاس.''
يقول الشّريف الجرجاني: '' جمع الحروف البسيطة ونظمها لتكون كلمة.'' وقال'' نظم الحروف، وضمّ الأشياء بعضها إلى بعض في نحو الجملة''. جاء في قاموس المصطلحات اللّغويّة لــ إميل بديع يعقوب: '' مجموعة منسّقة من الكلمات تؤدّي معنى مفيدا كالجملة الاسميّة أو الفعليّة أو جزء من الجملة الذي يؤدّي دلالة ما.''
· خرق معياريّة التّرتيب: ويسمّى باللّغة الحديثة الانزياح، من ذلك
(التقديم والتّأخير) قال عنه الجرجاني:''هو باب كثير الفوائد، جمّ المحاسن واسع التّصرّف بعيد الغاية....''. ترجمة ما يريده المتكلّم لغرض ما كالعناية والاهتمام(الجرجاني)؛ كما قال السّيوطي:''ومنه تقديم العبادة على الاستعانة في سورة الفاتحة، لأنّها سبب حصول الإعانة.'' البلاغة القرآنيّة المختارة.
قال ابن القيّم:''..فإنّ المقصود بتقديم (إيّاك) تعظيم اللّه سبحانه وتعالى والاهتمام بذكره مع إفادة اختصاص العبادة والاستعانة باللّه تعالى ليصير الكلام حسنا متناسقا، ولو قال: نعبدك ونستعين لم يكن الكلام متناسقا.''
-ومن أمثلة ذلك نفي الجسميّة عن اللّه من المعتزلة من خلال آية: { وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا.}النساء164، برفع موسى ونصب لفظ الجلالة. الآية الثانيّة رفعت الالتباس {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبَّهُ.}الأعراف 143؛ {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ.} مريم52، وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ.} النساء 12؛ الدّين مضمون بخلاف الوصيّة. وقوله تعالى: { وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ }البلد 03، ما عوض مَنْ للتّفخيم والتّعظيم.
وقوله تعالى:{ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.}الشورى16، داحضة والأصل مدحوضة، كأنّها في نفسها مبطلة من غير مبطل.؛ فالألفاظ هي أوعية المعاني، والمعاني هي خدم لها. ومنه تلاحظ تداخل الصّرف بالنّحو وكّلها خدم للمعنى
* بين علم النّحو وعلم المعاني:
يقول تمام حسّان:'' إذا كانت الشركة في دراسة الجملة قائمة بين علم النّحو وعلم المعاني، فإنّ النّحو يبدأ بالمفردات وينتهي إلى الجملة الواحدة على حين يبدأ علم المعاني بالجملة الواحدة وقد يتخطّاها إلى علاقتها بالجملة الأخرى في السّياق الذي هي فيه.''
يقول الجرجاني: '' ولا ترى كلاما وصف بصحّة نظم أو فساده أو وصف فصل فيه إلاّ وأنت تجد مرجع تلك الصّحة وذلك الفساد، وتلك المزيّة وذلك الفضل إلى النّحو وأحكامه... يدخل في أصل من أصوله ويتّصل بباب من أبوابه''. ومن المباحث التي يمكن أن يكون لها تأثير على مباحث الدّلالة هي مسائل التّقديم والتّأخير، والّتي أشرنا إليها سابقا وهي قضية قرينة الرّتبة، أضف إلى ذلك مسألة الحذف والذكر وما تؤثّر به على المعنى، كما يقول الجرجاني: قد يكون الحذف أبلغ من الذّكر.
*المعجم ومعنى الكلمة:
معجم الكلمات وثيق الصّلة بعلم الدّلالة، فالكاتب أو المتكلّم يختار الكلمات بعناية ليضعها في السّياق المناسب، ولا يكون ذلك بطريقة عشوائيّة، فالكلمة المعجمية لها معنى في نفسها كما لها معنى في السّياق الّذي ترد فيه، من ذلك الفعل ضرب، فضرب الوالد ابنه غير ضرب الله على آذانهم، أي أغشى سمعهم، غير ضرب العملة والتي بمعنى صكّها، غير ضرب القبة بمعنى أقامها وبناها، غير ضرب أخماسا في أسداس بمعنى تحيّر.
مفهوم الحقول الدّلاليّة:
''الحقل الدّلالي مجموعة من المفاهيم، تبنى على علائق لسانيّة مشتركة، ويمكن لها أن تكون بنية من بنى النّظام اللّساني، كحقل الألوان، وحقل القرابة العائليّة، وحقل مفهوم الزّمان والمكان وغيرها.''، وعليه يمكن أن نحدّد بأنّ الحقل الدلالي أو المعجمي هو اجتماع مجموع من الكلمات تربط بينها دلالة واحدة؛ أو معنى عام يجمعها، وهذا الذي درج عليه علماء اللّغة العرب في بداية تأليفهم للمعاجم كالأصمعي الّذي، كتب في الخيل وخلق الإنسان والحشرات، وغيره أمثال أبي عبيدة والنضر بن شميل وأبي زيد ..
· مجال علم الصّوت وأمثلة عن اختلاف الدلالة لاختلاف الصوت:
-يعني علم الأصوات باللّغة المنطوقة، والتي تعدّ فرعا عن علم اللّغة(اللّسانيات)، يدرس الجانب النطقي الفيزيولوجي؛ كما يدرس الوحدات الدّلالية(الصرف) وغير الدلالية(الفونيم)،
-اهتم ابن جني بالأصوات وعلاقتها بالدلالة، من ذلك الخازباز لصوته، والبط لصوته، ولفظ غاق لصوت الغربان، والواق لصوت الصّرد؛ ومن ذلك: عاعيت وحاحيت وهاهيت ذا قلت: حاء وعاء وهاء، ونحو الألفاظ المنحوتة كـــ بسملت وحوقلت وهللت؛ وله في هذا ننقله على طوله: ''الدّالف للشيخ الضّعيف، والشّيء التّالف، والطّليف والظّليف المجان، وليست له عصمة الثّمين، والصنف، والطنف لما أشرف خارجا عن الغباء وهو غلى الضّعف...
وقضم وخضم، فقضم تستخدم في اليابس، وخضم للرّطب، وذلك لقوة القاف، وضعف الخاء، فجعلوا الحرف الأقوى لفعل الأقوى، والأضعف للفعل الأضعف ''صعد وسعد، صعد لصعود الأشياء المحسوسة، مثال صعد الحائط والجبل، وسعد في الأشياء المعنويّة مثل: سعيد الجد، أي عالي القدر، وعلل ذلك بقوة الصاد وضعف السين، والمحسوسات أقوى من المعنويات، فتطلّب التّعبير عنها الأصوات القويّة، والدّلالة اللّفظيّة أقوى من الدلالة المعنويّة.''
مثال آخر في لفظي: النضح والنضخ، فالنضح للماء القليل وهو الرّشّ الخفيف، والنّضخ للماء الكثير الفوّار.
ومثاله: القطّ والقدّ فالقدّ للقطع طولا، والقطّ للقطع عرضا.
المصادر والمراجع:
2- فقخ اللغة مناهله ومسائله، أسعد النادري
3- فقه اللغة وخصائص العربية، محمد المبارك.
4- المزهر في علوم اللغة وأنواعها، جلال الدّين السيوطي.
5- فقه اللّغة وأسرار العربية، أبو منصور الثعالبي.
6- الخصائص، أبو الفتح بن جنّي .
7- فقه اللّغة، علي عبد الواحد وافي
8- دراسات في فقه اللّغة، صبحي الصالح.