مقدمة

القانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي يهتم بتنظيم النشاط الإداري و العمل الإداري الذي يهدف أساسا إلى تحقيق المصلحة العامة في المجتمع، و يعد الفقه القانوني الفرنسي و القضاء الفرنسي عموما هو المنظر الأول له ، فمجلس القضاء الفرنسي يرجع له الفضل في ظهور هذا القانون من خلال تصديه للعديد من القضايا على رأسها ما يعرف بقضية بلانكو.
و يعد هذا الدرس (القانون الاداري ) من برامج ومنهاج السنة الاول ليسانس حقوق جذع مشترك وفيه يتعرف الطالب على هذا القانون و علاقته بعمل الادارة و يتعرف عن اسباب ونظريات نشاته و خصائصه( المكتسبات القبلية تتمثل في معرفته بماهي القانون وفروعه العام والخاص وتعريف القاعدة القانونية، بالظافة الى افكاره عن دور الادارة في المجتمع)

   في نهاية هذا الدرس يكون الطالب ملما و مستوعبا باهداف هذا الدرس وفقا لمستويات بلوم المعرفية و هي على النحو التالي :

1- المستوى المعرفي :

في هذا المستوى يقوم الطالب باستعاب و فهم المعلومة القانونية و استحضار ما له من معارف القبلية اي المكتسبات المعرفية السابقة حيث يقوم بحفظ وفهم التعريفات و المعايير المعمدة في تحديد هذه التعاريف المرتبطة بموضوع الدرس ، كما يمكن اختبار الطالب بجملة من الاسئلة المتعلقة بالدرس و يقوم بالاجابة عليها كما يمكن الاستعانة باسئلة تتمثل في اختباره بملئ الفرغات او الاجابة بنعم او لا و هده بهدف استحضار معارفه في القانون الاداري و تحديد علاقته ببقية القوانين

2-مستوى الاستعاب و الفهم او الادراك :

يقوم الطالب هنابتحديد خصائص و مميزات الدرس التي يمكن الاعتماد عليها في استعاب و ادراك القانون الاداري ومفهومه واهم خصائصه و موعه في المنظومة القانونية ، وهذا باعطائه جملة من الاسئلة المختلفة انطلاقا من الدرس

3-مستوى التطبيق :

هنا يقوم الطالب بالتعرف على القانون الاداري و علاقته مع القوانين الاخرى و التعرف على اساسياته و ظروف نشاته ،و مجال تطبيقه ونشاطه ونطلب من الطالب تحديد اهميته في تسير الحياة العامة من خلال دور في تحقيق المصالح العامة في المجتمع ، وكيف يمكن لهذا القانون من تطوير الحياة الادارية وتسير المرفق العام المرتبط اساسا بتحقيق الحاجيات الاجتماعية في الدولة

4-مستوى التحليل :

هنا على الطالب دراسات مختلف النظريات القانونية المنظرة للقانون الاداري، وكيف اصبح القانون الاداري قانونا مستقلا بذاته و دوره في تسير المرفق العام و اهميته في تسير الادارة بنوع من الاستمرار و التطور ، كما عليه معرفة اهم الاسباب التي تجعل منه قانونا متطور بتطور المجتمع.

5-مستوى التركيب و الانشاء:

يبحث الطالب في هذا المستوى عن علاقة قواعد القانون الاداري بتطور المجمع وحاجياته التي انشات الدولة من اجلها المرافق العامة مثل الجامعات و المستشفيات و الادارات العامة ، معتمدا في ذلك على افكاره و معارفه من الدرس و تحليله الذهني للمحاضرات

6-مستوى التقويم :

دراسة القانون الاداري و خصائصه المميزة له و التنظيم الاداري المرتبط به من ادارات عمومية ومرافق عمومية ( جامعة. مستشفى .بلدية ولاية ) و تعريفها و دورها في المجتمع و علاقتها بقواعد القانون الاداري ، وكبيف تقوم هذه المرافق بالاعتماد على القانون الاداري في استمرار الدولة و المجتمع ، والبحث عن اهم النظريات التي يمكن الاعتماد عليها في تطوير هذا القانون مما ينعكس على تطور المجمتمع و الدولة معا

آ. تعريف القانون الإداري

يعرف القانون الإداري على انه فرع من فروع القانون العام الداخلي يهتم بتنظيم نشاط الإدارة العمومية و علاقتها بالأشخاص الطبيعية و المعنوية .، ومن اجل تحديد تعريف دقيق للقانون الإداري يجب الاعتماد على جملة من المعايير أهمها[1]

1. المعيار العضوي

و المتمثل في الجهاز الذي يتكفل و يضمن و يسهر على تحقيق الأهداف المسطرة من طرف الدولة ، بمعنى من طرف السلطة السياسية في الدولة بكل فروعها و مصالحها

2. المعيار المادي

هو النشاط الذي تتكفل و تقوم به ذات الأجهزة السالفة الذكر و المتمثلة في السلطة السياسية في الدولة و التي تنتج ما يعرف بالعلاقة بين المواطن و الإدارة ، حيث ترتكز أنشطتها في وظائف إدارية و أعمال إدارية وفق هذا المعيار.ومنه نقول إن القانون الإداري هو " مجموعة من القواعد القانونية التي تطبيق على الأجهزة الإدارية و النشاط الذي تقوم به هذه الأجهزة"[2]

  ب. أساسه و نشأته

  لقد سعى الفقه و القضاء إلى إيجاد فكرة عامة تصلح كأساس للقانون الإداري و بالتالي تكون الدعامة الأساسية إليه و تحديد معيار التمييز لموضوعاته عن مواضيع القوانين الأخرى ، فكان الاعتماد على المعايير التالية هو السبيل لذلك

1. معيار السلطة العامة او اعمال الإدارة العادية

ان هذا المعيار يحمل في مدلولاته فكرتين أساسيتين فمن جهة يحمل فكرة أعمال السلطة الإدارية وهو المظهر الذي تبدو فيه الإدارة بظهر السلطة العامة و تتمتع فيه الإدارة بحق الأمر و النهي و هو معيار تحكمه قواعد القانون الإداري و يخضع للقضاء الإداري و من جهة نجد فكرة أخرى مفادها أن أعمال الإدارة العادية و التي تكون فيها على حد السواء مع مرتكز الأفراد دون امتيازات السلطة العامة المعهودة فلا وجود لسلطة عليا و أخرى سفلة و قواعد الأمر و النهي ، مما يجعلنا نطبق قواعد القانون الخاص .

و الجدير بذكر هنا أن هذه النظرية دامت إلى غاية نهاية القرن 19 ، ولكن تم هجرانها و التخلي عنها نظر لغموض معايير التفرقة بن أعمال السلطة الإدارية العادية و الغير عادية.[3]

2. معيار المرفق العام

لقد ظهر هذا المعيار في أواخر القرن 19 و اصبح هو المعيار المعتمد في من رف مجلس الدولة الفرنسي الفرنسي و محكمة التنازع .

و نذكر هنا أن قضية بلانكو الشهيرة كانت هي المنعرج الحقيقي في إثبات وجود هذا المعيار ، حيث استنتج محكمة التنازع الفرنسي في حكمها أن الجهات القضائية العادية غير مختصة بالنظر في قضية احد أطرافها يمثل جهاز من أجهزة الدولة بل هي من اختصاص القضاء الإداري و ذلك بسبب ما يعرف بالمرفق العام و كان أساسها في ذلك أن كل نشاط تديره الدولة أو تهيمن عليه إدارتها و تستهدف تحقيق المصلحة العامة

فهو مرفق عام و في حالة النزاع تختص به المحاكم الإدارية و ليس العادية .

ورغم القبول الذي لقته هذه النظرية إلا إنها تعرضت للانتقادات ، إلا أن مجلس الدولة الفرنسي يبقى يؤكد على دور نظرية المرفق العام في تحديد أساس القانون الإداري.

3. معيار المنفعة العامة

و مفاده أن الغاية من المرفق العام هو تحقيق المنفعة العامة للمجتمع و أفراده فكل نشاطات أجهزة الدولة تهدف إلى تحقيق الغاية من الدولة وهو تحقيق متطلبات المجتمع الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية و هو أساس هذه النظرية لتحديد مجال تطبيق القانون الإداري .

وفي الأخير نقول أن كل هذه المعايير مجتمعة يمكن أن تحدد أساس القانون الإداري رغم ما يحمله كل معيار من نقد .

پ. خصائص القانون الإداري

يتميز القانون الإداري بالعديد من الخصائص الغير معروفة في بقية القوانين الأخرى و هذا راجع إلى طبيعته و نشأته ويمكن ان نحددها في الخصائص التالية .

1. قانون حديث النشأة

يعد القانون الإداري من احدث القوانين مقارنة مع القانون المدني مثلا أو الجنائي فهو وليد اجتهادات مجلس الدولة الفرنسي في بداية القرن 19 ميلادي .

2. قضائي النشأة

فهو من ابتكار مجلس الدولة الفرنسي خصوصا قضية بلانكو الشهيرة سنة 1873

3. قانون غير مقنن

فهو غير مدون وغير مكتوب في مدونة قانونية مثل القانون المدني .

4. سريع التطور

هو قانون يتطور مع تطور العلاقات الاجتماعية و احتياجات افرد المجتمع الاجتماعية والاقتصادية و السياسية .فهو يتطور بتطور هذه الاحتياجات.[4]


III-التنظيم الإداري
يشتمل التنظيم الإداري و فق ما هو معمول به في الجزائر على فكرتين أساسيتين هما ( الشخصية المعنوية و الأساليب الإدارية من مركزية و اللامركزية

   

   

   

   


   

   

   

   


ماهي الشخصية المعنوية


ب. الشخصية المعنوية

1. تعريف الشخصية المعنوية

و يمكن تعريفها على أنها مجموعة من الأموال و الأشخاص ترصد لتحقيق هدف معين يتمثل في مصلحة اجتماعية عامة، و منه نستنتج أن الشخصية المعنوية تتميز أساسا بانها .

1-مجموعة من الأموال و الأشخاص.

2-تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة.

3-لا تهدف إلى تحقيق الربح .

ويمكن أن نصنف هذه الشخصية المعنوية وفق التعريف السابق إلى شخصية معنوية مرفقية و هي التي تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة معينة تحت الرقابة المباشرة للدولة ومثال ذلك الجامعة أو المستشفى و شخصية معنوية إقليمية هي المحدد بنطاق جغرافي مثل الولاية أو البلدية .

2. نتائج الشخصية المعنوية

ويمكن أن نلخص هذه النتائج في ما يلي :

ا) الاستقلال المالي :

ذمة مالية مستقلة تمكن المرفق من تسيير ذاته

ب) الاستقلال الإداري :

وهي القدرة و الأهلية على إبرام التصرفات القانونية و الإدارية .

ج) أهلية التقاضي :

إمكانية اللجوء إلى القضاء لحماية الحقوق محل النزاع

د) موطن مستقل :

وهو ما يعد بمثابة مركز إدارتها و يختلف عن مراكز المكونين لشخصية لها.

   

پ. المركزية الإدارية

   

تعتبر المركزية الإدارية من اقدم الأساليب الإدارية و هي تتمثل أساسا في حصر الوظيفة الإدارية في يد شخص معنوي و احد و هو الدولة دون فتح المجال للأجهزة الأخرى لاتخاذ القرار. وتقوم المركزية الإدارية على الأركان التالية.

  

1. اركان المركزية

و تتلخص أركان المركزية الإدارية في النقاط التالية :

تركيز الوظيفة الإدارية في يد الدولة ممثلة في السلطة التنفيذية.

التدرج الهرمي في هرم السلم الإداري

السلطة الرئاسية.

2. عدم التركيز

وقد ظهر هذا الأسلوب من التنظيم الإداري بعد الانتقاد الموجه إلى التنظيم الإداري المركزي و من اجل تخفيف العبء والضغط على السلطة التنفيذية. وهو يعتمد على أسلوب التفويض الإداري أو تفويض التوقيع. ويقوم نظام عدم التركيز على نظام التفويض المذكور أعلاة و ذلك بتفويض الموظفين ببعض صلاحيات لاتخاذ القرارات الإدارية نيابة عن الإدارة المركزية دون استقلالهم التام بهذه الصلاحية فالرئيس يحتفظ بسلطة الرقابة و الإشراف و التعديل

3. التفويض الإداري

وهو أن يعهد صاحب الاختصاص بجزء من صلاحياته إلى احد مرؤوسيه طبقا للقانون و في حدود ما يسمح به . وهو نوعان فهناك تفويض الاختصاص و يراد به أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جزء من صلاحياته إلى احد مرؤوسيه بشرط أن يسمح القانون بذلك و تحت رقابة هذا الرئيس، وهناك تفويض التوقيع و هو أن يعهد الرئيس باختصاصه بالتوقيع لاحد مرؤوسيه أيضا فيختص المرؤوس هنا باختصاص التوقيع فقط أو الإمضاء على بعض القرارات أو الأوراق الرسمية الداخلة في اختصاص السلطة الأصلية و تحت رقابتها

ا) إيجابيات التفويض

-تخفيف العبء و الضغط على عمل الإدارة

-تحقيق السرعة و الليونة في التعاملات الإدارية

-يسهل على المواطن قضاء مصالحه

-زرع الثقة لدى المرؤوس

-تدريب المرؤوس على عمل رئيسه

2 سلبياته

-وجود النص القانوني ضروري

-يكون جزئي فقط

-لا تفويض على تفويض

-مؤقت وغير دائم.

1 -وجود النص القانوني ضروري

-ينقسم التفويض الإداري إلى تفويض التوقيع و تفويض الاختصاص .

   

ت. اللامركزية الإدارية:

   

و يقصد باللامركزية الإدارية توزيع الصلاحيات و السلطات الإدارية بين الجهات المركزية في العاصمة و السلطات المحلية المنتخبة ، وهي بهذا الشكل تنقسم إلى .

  1. اللامركزية الإقليمية

و هي مرافق يحكمها التقسيم الجغرافي المعتمد من طرف الحكومة وتتمثل أساسا في الولاية و البلدية ، التي تشارك الجماهير في انتخاب أعضائها من اجل تسير مصالحهم .وتقوم على توزيع الأعباء الوظيفية الإدارية بناءا على قانون بين الأجهزة التنفيذية المركزية وبين المجالس المحلية المنتخبة على مستوى الجماعات الإدارية الإقليمية المتمتعة بالشخصية المعنوية .(بلدية و ولاية)

2. اللامركزية المرفقية

و و تسمى باللامركزية المرفقية أو المصلحية وهي هي مرافق أدارية يحكمها النشاط المصلحي الذي تقوم به خدمة للعامة مثل الجامعة أو المستشفى، ويوجد هناك هيئات و مؤسسات تمارس اختصاصات نوعية على مستوى الدولة ككل أو في نطاق ألإقليم أو اكثر من إقليم في الدولة ، و ستند هذا الأسلوب على سير المرفق العام و فعاليته من خلال التخصيص و البعد عن الروتين وليس على فكرة الديمقراطية


تعتمد اساسا على الشخصية المعنوية من اجل كسب الحقوق و تحمل الالتزامات



المرافق العامة والادارات العمومية في الدولة



 



   

   

  

  خاتمة

    و في الأخير يكن القول أن القانون الإداري باعتباره فرع من فروع القانون العام الداخلي ظهر بصورة حديث بعد ظهور الدولة وأجهزتها و دورها في تحقيق المصالح العامة و إشباع متطلبات المجتمع ، لهذا كان لابد من إيجاد قواعد قانونية تنظم العلاقة بين هذه الأجهزة الإدارية و كذا تنظيم العلاقة بينها و بين الأشخاص سواء الطبيعية أو المعنوية .

 


قائمة المراجع

  

   

   

  

   

   


[1] أحمد محيو -محاضرات في المؤسسات الإدارية- ديوان المطبوعات الجامعي-ة طبعة 1996 –ملحق 1990الجزائر



[2] -علي هاني الطهراوي –القانون الإداري –ماهية القانون الإداري –التنظيم الإداري النشاط الإداري –دار الثقافة للنشر و التوزيع لبنان 2006.



[3] -د.عمار بوضياف –الوجيز في القانون الإداري-دار الريحانة (د-ط)-الجزائر2002.



[4] .ﻨﻭﺍﻑ ﻜﻌﻨﺎﻥ، ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ، ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻭل، ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﺸﺭ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ، ﺍﻷﺭﺩﻥ، 2006.



[5] -ﻟﺒﺎﺩ ﻨﺎﺼﺭ، ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ، ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻭل (ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ)، LEBED éditeur، ﺴﻁﻴﻑ، ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ، 2006.



[6] ﻤﺠﻴﺩﻱ ﻓﺘﺤﻲ، ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﺤﺎﻀﺭﺍﺕ ﻭﺩﺭﻭﺱ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ، ﻤﻭﺠﻬﺔ ﻟﻁﻠﺒﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ LMD، ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ، ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﻠﻔﺔ، 2010 – 2009.



[7] RIVERO J. et WALINE J., Droit administratif, Dalloz (Précis), 26ème édition, 2015.